اللّاجئون السّوريّون؛ بين بَرْد المَهْجر ونار الشَّوق للوطن – رهام الزراد
أربعة ملايين وسبعمائة ألفِ جسدٍ بلا روح، تفرّقوا وتقطّعوا بين سبعٍ وثلاثينَ مكاناً، هؤلاء المعروفون رسميّاً في سجلّات الأمم المتحدّة لعام 2015، أمّا من جُهِل مصيره وتَوَارَتْ سُبُل تهريبه فيقال أنّهم ضعف هذا العدد حتّى اليوم، وكُلّ مُهاجرٍ منهم يطوي وطناً في حقيبته، فتَعْبَق ثيابه برائحة شوارعه، وتتعلّق فيها أشياءٌ من الذاكرة.
أخُ وابنُ عمٍّ ضاقوا بالمعروف
بدأتِ النّكبة السّوريّة الحديثة بـ300 إنسانٍ غادروا وطنهم بحركةٍ شبه يوميّةٍ عابرين الحدودَ التركيّة قبل مطلع (أيّار /2011″؛ ليطرد شبح اجتياح جسر الشُّغور الشهر التّالي أكثر من 2،500 آخرين، بدأت من عندهم جُملة امتعاضاتٍ تُركيّةٍ ممّا وصفته “أسوأ سيناريوهات الحرب”، تركيّا أحسنتِ الضيافة بعد غزارة الاستقبال، ربَّما لم تفرش الدرب ورداً، لكنْ مع بداية الحرب كان حصير المخيّمات كافياً لإيواء المُهجّرين، فأقامت مُخيّمات هاتاي الصّغيرة، التي توالدت وتكاثرت إلى اليوم، ليُسجّل فيها وجود 230 ألفَ سوريّ، من أصل 834 ألفاً أوصَلوا بَلُّ الهجرة السّوريّة إلى الذقن الإسطنبوليّة وإلى حُضن كُلّ مدينةٍ تُركيّةٍ تغُصُّ بالوجود السوريّ اليوم، الذين تجاوز اليوم المليونَين و800 ألف لاجئٍ.
راما العَبّوش صحافيةٌ زميلة من ديرالزور، وصلت تركيا مع هذه الجُمُوع مؤخّراً عام 2016، بعدما حاولتِ الصمودَ طوال سنواتٍ، تنقّلت خلالها بين إدلب ودمشق، حتّى ضاقت ذَرْعاً وعلِمت أنْ لا مكان ولا أمان باقٍ هُناك، حتّى أنّ هذه الأخطار لاحقتها حتى استقرارها في اسطنبول، فتقول: “واجهتُ مُحاولات نَصْبٍ وسرقةٍ من المُهرّبين سوريّين وأتراك، وهُم بالنهاية يبقون تُجّار حربٍ لا يهُمّهم إلّا المال، والغريب في بلدٍ جديدٍ يبقى جاهلاً فيه حتّى يتعايش معه”، أمّا نفسيّاً واجتماعيّاً فلم تواجه “راما” صعوباتٍ، بقولها: “أعيش في منطقةٍ يغلب فيها السوريّون والعرب، لذلك لا أعتبر نفسي خرجتُ من محيطي، أمّا عن اللغة فبعد هذه السنوات لم تعُد عقَبةً، من خلال التفاهم اليوميّ مع الأتراك، علاوةً على الدورات الكثيرة”، لكنّ ما يُسبّب لها القلق ليس الوضع التركيّ بلِ السوريّ، “أمّي وأبي مازالوا في الداخل، تتحكّم تواصلنا ظروف الإنترنت والكهرباء، وهُم أكثر ما أفتقده في البلد الجديد”.
يبدو أنّ أيّار 2011 كان شهر الشُّؤم الذي فَرَط سِبْحة اللجوء إلى الجِوار، ففي الفترة نفسها؛ فرّ 700 آخرون من (تلكلخ” إلى (وادي خالد” شمال لبنان؛ البلد الذي طَرَق السوريّون حدوده أُمّاً، فظهرت لهم زوجة أبٍ من وراء حاجز المصنع، وقد بلغ تعداد السوريّين اللاجئين إليها اليوم المليون و70 ألفاً، وصفتهم المُفوّضيّة العامّة بأنّهم “تدفّقٌ محدودٌ جدّاً وأعدادٌ قليلةٌ للغاية”، ورُغم ذلك يكاد المُجتمع اللبنانيّ يَلْفُظُهم لولا كَمُّ الأمم المُتّحدة لأفواههم.
“في لُبنان إمكانيّة التأقلم صعبةٌ للغاية، لوجود الفئات الكارهة للسوريّين، وهم غالبون على المجتمع بسبب (زعرناتهم”، فإنْ لم يستطيعوا محاربة السوريّ في عمله كأجيرٍ، يحاربونه في سكنه وفي جيرانه وفي شرفه وأخلاقه حتّى !!..” هكذا تحدّث محمّد الصالح بكبرياء عزيز قومٍ ذُلَّ عن موقف البيئة اللبنانيّة من السوريّ، ويتابع: “رُغم افتقادي الكبير لابنتي وزوجتي وأهلي، لكنّني أُفضّل -مبدئيّاً- عدم إحضارهم حتّى استقرار الأمور، فالوضع في لبنان قد يتحمّله شابٌّ أعزب، يمكنكَ النوم يوماً على الأرض ويوماً على السرير، يمكنكَ أن تأكل أيّ ما تجد، يمكنكَ أن تعمل بأيّ راتبٍ مهما قلّ، ويمكنكَ تحمّل إهاناتٍ وتجنُّب مشاجراتٍ والوقوف على الحواجز قدر ما استطعت لأنّك لوحدكَ؛ أمّا الوضع مع عائلةٍ سيصبح سيّئاً جدّاً”، وعن تقييمه للوضع المعيشيّ، يقول محمّد: “فرص العمل شحيحةٌ على حَمَلة الشهادات وتقلّ أكثر على العُمّال، أمّا صحّيّاً وتعليميّاً؛ فلولا ما تؤمّنه الجمعيات الخيريّة من طبابةٍ رخيصةٍ ومنحٍ دراسيّةٍ، لما بقي السوريّ لحظةً في لبنان يعضّ على الإهانة مزيداً من الألم”.
دول الحُلم
كثيرون يتمنَّون في يقظتهم هذا الحلم، ويحاولون الدخول إلى دول الرَّخاء مثل المملكة العربية السعوديّة، والولايات المُتّحدة الأميركيّة، لكنّ رياح الواقع تجري عكس ما تشتهي سُفُن الأحلام، ومن خلال لقاءاتٍ أجرتها “الغربال” مع مُغتربين سوريّين هُنا وهُناك وقفنا على حقيقة حالهم أكثر..
إيمان رمضان؛ خرجت من حمص عَدِيّة الثورة عام 2012، لخُطورة الوضع الأمنيّ، وهي اليوم في السعوديّة، تقول: “صحيحٌ أنّني وصلت هُنا مباشرةً وبسهولةٍ، لكنّ الصعوبات بدأت عند دخولنا، فأصبحنا نتنقّل وأُهلي بين مدينةٍ وأخرى حتّى استقرّينا في العاصمة الرياض. واستمرَّتِ الصعوبات في نظرة المجتمع السعوديّ لنا كأجانب غُرباءٍ من الدرجة الثانية والثالثة، ولا تسهيلاتَ تساعدنا للمُضيّ.. تعليميّاً؛ لم أستطع تحصيل قبولٍ في الجامعات الحكوميّة، رُغم انتظاري ومحاولاتي المتكرّرة عاماً كاملاً، والبعض قد ينتظر في طابورٍ أكثر من عامَين، ومع ذلك يبقى القبول الجامعيّ صعباً وشبه مستحيلٍ.. صحّيّاً؛ كوني لستُ مقيمةً فلم أحظَ بتأمينٍ صحّي، وبالتالي أجد خدمات المشافي والمستوصفات والصدليّات باهظةً، هذا في حال استقبلتنا أوّلاً. ناهيكِ عن الفروقات الاجتماعيّة، والغريب هُنا عن سوريا وضع المرأة، فهي ممنوعةٌ عن أمورٍ كنّا نعيشها في حياتنا اليوميّة”.
“الإحباط والاكتئاب” بات أسلوبَ حياةٍ أم مرضاً
نفس الصعوبات التي تحدّثت عنها (إيمان” عانت منها بنات السيّدة (أُمّ مُحمّد”، لكنّهُنّ تكسَّرْن على أعتاب أوّل مشكلةٍ مصيريّةٍ. (أمّ مُحمّد” فاضت دموعها بتفاصيل قصّتها، وبين كلمةٍ وأخرى تَحْبِك غصَّة اكتئاب تُعاني منه منذ شهورٍ. تقول: “أقيم وعائلتي في السعودية منذ أربع سنواتٍ، لكنّ تضييق الخِناق على الأجانب هُناك حرم بناتي من إكمال دراستهنّ الجامعيّة، لكنّ ابنتي الكُبرى أصرّت على الدراسة مهما كان الثمن، وهي اليوم تدرس الصَّيْدلة لكنْ في مصر بعيداً عنّا، الاكتئاب تمكّن منّي بعد يأسي من خمس مُحاولاتٍ لتأمين زيارةٍ لابنتي لنراها بعد انقطاع عامين متتالين، ولا قًدرة لنا على تكاليف سفرٍ إلى (لُبنان” لنجتمع كعائلةٍ مُجدّداً، فيما (مصر” تفرض تأشيرةً أخرى صعبٌ تحصيلها، بِتُّ أنسى وضعي النفسيّ المُتعب اليوم وأفكّر أكثر بوضع ابنتي، التي لا تنهي مكالمةً معنا إلّا بالبكاء والشكوى، حتّى بدأت تتراجع عن تقديم امتحاناتها وتفكّر في حلٍ للمّ شمل العائلة من جديد”، ابنة (أمّ محمّد” واحدةٌ من خمس فتياتٍ يُسانِدْن بعضهنّ بعيداً عن ذويهنّ، وقد ظلمتهنّ أنظمة الدول العربيّة المفروضة على اللاجئين السوريّين، فحملتهن المسؤوليات وهن براعم مراهقات.
ترثي أُمّ محمّد الحالة النفسيّة المُتعبة لابنتها الثانية، التي لم تُوَفَّق كأختها بالسفر والدراسة، كما أثّرت عليها البيئة المُغلَقة في السعوديّة، حتّى باتت هي بدورها حبيسة غرفتها الصّغيرة، لا جديد في حياتها فكُل يومٍ منها مثيلٌ لسابقه، “لا عمل ولا دراسة، مُتحطِّمةٌ بين أربع حيطان” حسب وَصْف والدتها.
الحُلُم الأميركيّ ربّما يبدو أقربَ من العربيّ قياساً لما تحدّث عنه (سامر ج.” وهو طالبٌ يدرس في الولايات المتحدة، بعدما غادر العاصمة دمشق عام 2014، لعدم تمكُّنه عن الالتحاق بكُلّيةٍ وبالتالي لم يستطع تأجيل خدمته العسكريّة، (سامر” يحمل الجواز الأميركيّ الذي أوصله بسهولةٍ إلى العاصمة (واشنطن” كونه وُلِد هناك، ويرى تحصيل تأشيرة دخولٍ أمراً ليس بالصعب جدّاً على السوريّين اليوم، لكنّه يرى الصعوبة في محاولة التأقلم مع مجتمعٍ وصفه بأنّه “منهمكٌ بنفسه، متجاهلٌ للآخر”، فيقول: “عِشْت طوال حياتي سوريّاً من أبٍ وأمٍّ دمشقيّين، لذلك حين أتيت حاولتُ الانخراط والتأقلم من جديدٍ لكن دون جدوى، وللأسف في دولةٍ من طراز العالم الأوّل لا يمكنك استحضار أيٍّ من عادات العالم الثالث، وكذلك ينظر إلينا الأميركيّون، لذلك التأقلم هُنا تسييرٌ لا تخيير”.
شطّ البحر حين يفتقد الأمان
البحر ابتلع أسرارَ حكاياتٍ أخرى للسوريّين، تعقّدَتْ حبكتُها مع نشاط حركة اللّجوء لأوروبّا بين عامَي 2014-2015 وحتّى اليوم؛ حين خاطر أكثر من 66،600 لاجئٍ سوريٍّ بأنفسهم في البحر، غَرِق منهم 2،365 إنساناً بدموع الخوف قبل البحر، أمّا من نجا فأدرك لاحقاً هَبَاءَ معاناته الذي نثرته مقدونيا في آب-2015 وقبلها المجر، عندما أغلقتِ الأولى حدودها مع اليونان، على خُطى الثانية التي أغلقت حدودها مع صربيا بسياجٍ على ارتفاع أربعة أمتارٍ وامتداد 175 كيلومتراً، لمنع دخول اللاجئين أراضيها، وبالتالي الحيلولة دون وصولهم دول الاتّحاد الأوروبي الغنيّة.. الحركة الأخيرة دفعتِ الإنسانيّة الألمانيّة إلى تجميد اتّفاقيّة دبلن، واستضافة أعدادٍ جديدةٍ من اللاجئين مهما كان مصدر قدومهم لتتلاطم أمواج البحر بحركة اللجوء مجددا.
لكنّ بولّندا، سلوفاكيا، والتشيك وضعت عصا “عنصريّةٍ دينيّةٍ” في عجلة رحلة اللاجئ السوريّ، حين حدّدتِ الديانة المسيحيّة شرطاً لاستقبال عددٍ محدودٍ من العائلات السوريّة، بحُجّة “الإسلاموفوبيا” الذي سبّبه الوجود الداعشيّ في سوريا والمنطقة العربيّة خلال الحرب.
“أوروبّا ليس جنّةً، والنرويج ليست إحدى جِنانها”.. هكذا بدأ “أبو سعيد” حديثه مع “الغِربال”، لم يستطِعْ “أبو سعيدٍ” سَرْد تفاصيلَ كثيرةٍ عن خُروجه من الوطن، سِوى أنّه من حمص التي لم يَرَها وأهله منذ عام 2012، عند اعتقاله مدّة عامَين، ثمّ خروجه فوراً من ظُلُمات التعذيب إلى نور البحر، “الذي قضيتُ فيه عاماً آخرَ أبحث بين الدُّول عن برّ أمان”، إذ دخل من الشمال السوريّ إلى تركيا، وعبر البحر وصل حتى وصل إلى اليونان ومن ثم النمسا، ثمّ استقرّ أخيراً في النرويج.. معاناته بدأت منذ اليوم الأوّل، يقول: “رُمِيتُ في مخيّم “غوغل”، وهو هنغارٌ كبيرٌ مُقسّمٌ لغُرَفٍ، لم تكُن المشكلة في السَّكَن بقدر ما كانت في المحيط، فعندما ترى نفسك مُحاطاً بجنسيّاتٍ مختلفةٍ أكثرهم من إرتيريا والصومال، يحاصصونك على كُلّ شيءٍ، فيما السوريّون الآخرون في المُخيّم ينشغلون بالمشاكل بين بعضهم، تشعر أنّك خسرتَ وطناً في الخارج كما الداخل، لم نكُن على قلبٍ واحدٍ ولم يشعر أحدٌ بألم آخر”. تأزّم الوضع النفسي لـ(أبي سعيد” مع المماطلة في منحه الإقامة والسكن العائليّ المناسب، وهو بدوره يُماطل زوجته التي لم تعُد تصبر على البُعْد، حتّى طلبتِ الطلاق ورحلت تاركةً أولادها عند أهله في “حمص”، يقول: “الهمّ تضاعف على كاهلي؛ بين أمّي وأبي المُتعبين العجوزين، وبين أولادي الثلاثة الذين أصبحوا أيتاماً وأنا على قيد الحياة”.. “أبو سعيد” حصّل الإقامة عام 2015واستطاع استقدام أولاده، واليوم يشقّ طريق صعوباتٍ جديداً في العمل للعيش الكريم.
نهاية الحرب في عيون السوريّين
بين متشائمٍ ومتفائلٍ تنفرد شطرنج الحرب السوريّة اليوم، حركةٌ تدفع الأمل بالسوريّين إلى الأمام خطوةً، وأخرى تُرجِعهم بحُزنهم إلى الوراء عشر خطواتٍ. حاولت “الغربال” سَبْر التشاؤم أم التفاؤل هو الغالب عند التفكير في مستقبل بلادنا، لكنّ احتدام الأحداث وضعنا كبقيّة اللاجئين في حيرةٍ، ويبدو أنّ الأهل والأقارب هُم النبض الذي يربط اللاجئ السوريّ اليوم بقلب الوطن.
عائلة “إيمان” الكبيرة من أقاربها مازالت في حمص، تشدُّها للعودة هُناك، تقول: “تواصلي معهم دائمٌ، ولا يمنعني عنهم إلّا انقطاع الإنترنت أو سوء الوضع الأمنيّ؛ وهُم أكثر ما أفتقده في الغُربة”. وعن إمكانيّة عودتها إلى الوطن الأُمّ، تقول: “ما زلتُ طالبةً لم أؤسّس بعد لحياةٍ أو أشغل أيّ عملٍ، عدا ذلك؛ لا أرى رابطاً يربط السوريّ ببلدٍ غير وطنه، وأتمنّى العودة لسوريا حالَ استقرار الوضع”، لكنّ “إيمان” رُغم الأماني لم تُبْدِ تفاؤلاً بسرعة انتهاء الحرب في البلاد -على حدّ قولها- “قبل خمس إلى سبع سنواتٍ، وإنْ انتهتِ الحرب فعليّاً فجَدَل التدخُّل السياسيّ سيبقى قائماً، ناهيكَ عن مشاريع إعادة الإعمار التي تحتاجها البلاد للتعافي”.
“سامر” افتقد معالم العروبة والإسلام في الوطن، يقول: “الشعائر الإسلاميّة، صوت الآذان، لمّة العائلة والجماعة، وبعض الطقوس الاجتماعيّة التي كنّا نتأفّف منها، باتت في الغُربة جوهراً نفتقده، شتّان بين ما اعتدنا عليه في وطننا العربيّ المسلم، وبين أميركا المجتمع المختلط السريع المُرهَق، فهنا تشعر بكلّ فردٍ وكأنّه في حالة توحّدٍ مع نفسه وعمله وشؤونه الخاصّة”. وعن إمكانيّة عودته إلى الوطن الأُمّ، يؤكّد: “سأعود طبعاً إلى وطني، رُغم الحلم الأميركيّ الذي يطمح كثيرون ليعيشوه، لكنّني لا أرى أنّ مجرّد المَأْكل، والمَشْرَب، والمَلْبَس، والعمل الجيّد ليست أشياءً تستحقّ أن يعيش الإنسان لأجلها وفقط؛ وبالنهاية.. “يبقى لنا في سوريا” آباءٌ وأجدادٌ وذكرياتٌ متأصّلةٌ، لا أتقبّل فكرة تسليمها لأيّ غريبٍ في بازارٍ سياسيٍّ رخيص”، متفائلاً أنّ “الحرب مهما طالت، لكن لها نهايةٌ وللإعمار بعدها بداية”.
أمّا راما فلم تتّخذ من التفاؤل أو التشاؤم موقفاً، فبرأيها “السياسة لا دينَ لها؛ بل لعبةٌ بيد السَّاسَة، يوقفونها متى يشاؤون !! ولو أرادوا ذلك لفعلوه منذ سبع سنواتٍ، واختصروا عذابات السوريّين”، وتُضيف: “سقوط نظام الأسد ليس كافياً لنعود إلى منازلنا آمنين، بل وَقْف النزاع المُسلّح خصوصاً من الطرف الداعشيّ هو المُهمّ، وما عدا ذلك؛ لن يبقَ لنا من سوريّتنا غير الهويّة والانتماء دون سقفٍ ولا أرضٍ”.
الأمّ مهما قَسَت على ولدها، تكره اليد التي تضربه، وتذُمُّ كلّ من يزعجه، وإنْ ابتعد لا تملُّ أن تقرّبه منها،
كذلك هي سوريا؛ وطننا الأمّ.. رُغم ما مرّ على أبنائها ممّن قابلناهم وعشنا لحظاتٍ مريرةً من حُزنهم، يتّفقون جميعاً على أنّ نار الوطن أبرد من جنّة المُغتَرَب، وينتظرون اللحظة الحاسمة التي تُشجّعهم على العودة من جديدٍ.
التعليقات متوقفه