تعرّف على ما أصاب جامع حلب الكبير

جامع حلب الكبير أو الجامع الأموي في حلب هو أكبر وأحد أقدم المساجد في مدينة حلب، وهو يقع في حي الجلوم قرب “سوق المدينة” في المدينة القديمة بحلب التي أدرجت على قائمة مواقع التراث العالمي لدى اليونسكو عام 1986، لتصبح حلب القديمة مع جامعها الأموي جزءاً من التراث العالمي حينها، يحوي الجامع على ضريح النبي زكريا (والد يوحنا المعمدان حسب الديانة المسيحية) ولهذا يطلق أهالي حلب على الجامع اسم جامع سيدنا زكريا.
 
يقوم الجامع اليوم على مساحة من الأرض طولها 105 متراً من الشرق إلى الغرب، وعرضها نحو 77.75 متر من الجنوب إلى الشمال وهو يشبه إلى حد كبير في مخططه وطرازه الجامع الأموي الكبير بدمشق.
 
بدأ بناء الجامع في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك في عام 715 ميلادي و تم الانتهاء من بنائه في عام 717 ميلادي في عهد الخليفة سليمان بن عبد الملك، كان مكان الجامع الكبير أغورا وكلمة أغورا تعني الساحة الدائرية التي تمثل مركز الحياة الرياضية والسياسية والروحية في حلب في العهد الهلنستي قبل الميلاد، أصبح المكان فيما بعد حديقة لكاتدرائية سانت هيلينا خلال الحقبة المسيحية من الحكم الروماني في سوريا.
 
ويتألف بناء الجامع من صحن واسع محاط بأروقة ثلاثة، وحرم في الجهة القبلية والصحن مغطى ببلاط رخامي بلونين أصفر وأسود وبتشكيلات هندسية ما زالت تميزه إلى اليوم، وتعود إلى العصر العثماني وقد جددت مؤخراً خلال السنوات السابقة للثورة، وتنفتح على الصحن عقود عشرة من الجانبين وستة عشر عقداً في الشمال ومثلها في الجنوب، وفي وسط الصحن مطاهر حديثة مغطاة بقبة.
 
ويحوي مصلى الجامع الكبير الواقع إلى الجنوب من الصحن ضريح زكريا، ومنبر يعود للقرن الخامس عشر الميلادي، والمحراب المنحوت بشكل متقن وبديع.
 
وللجامع أربعة أبواب هي الباب الشمالي الذي يقع إلى جوار المئذنة، والباب الغربي الذي ينفذ إلى شارع المساميرية، والباب الشرقي الذي ينفذ إلى سوق المناديل والباب الجنوبي الذي ينفذ إلى سوق النحاسين.
 
أما مئذنة الجامع التي انهارت عام 2013 فهي ليست المئذنة الأساسية بل مئذنة جديدة بنيت على مراحل انطلاقا من عام 1078 ميلادي وهي مربعة المسقط يبلغ ارتفاعها نحو خمسة وأربعين متراً، أما طول ضلعها فيبلغ نحو 4,95 متراً.
 
دخلت قوات الثوار جامع حلب الكبير أول مرة بتاريخ العاشر من تشرين الأول 2012 لتسيطر عليه بعد اشتباكات مع قوات النظام تسببت باشتعال حريق أدى إلى أضرار فادحة في المصلى والرواقين الشمالي والجنوبي، وأتى الحريق وقتها على المكتبة الوقفية في الجامع التي تحوي مئات المخطوطات والكتب الأثرية النادرة.
 
تمكنت قوات النظام فيما بعد من استعادة السيطرة على الجامع الأموي، لتهاجم قوات الثوار قوات النظام في الجامع مجدداً وتعلن سيطرتها الكاملة عليه في السادس والعشرين من شباط عام 2013، ويبقى الجامع من وقتها تحت سيطرة قوات الثوار إلى اليوم.
 
وبتاريخ 24 نيسان 2013 انهارت مئذنة الجامع الكبير بالكامل بعد أشهر من الاشتباكات بمحيطها، وبعد استهداف قوات النظام بها بقذائف الدبابات أكثر من مرة، ومع استمرار إطلاق قوات النظام المتمركزة في محيط الجامع الرصاص على قوات الثوار التي تتمركز داخله، قررت شعبة الآثار في مجلس محافظة حلب الحرة نقل ما تبقى من مخطوطات المكتبة الوقفية مع منبر الجامع التاريخي إلى خارج الجامع خوفاً من احتراقه، وبالفعل تم تفكيك منبر الجامع الأموي بتاريخ الثالث عشر من أيار 2013 من قبل مختصين تابعين لشعبة الآثار بمجلس محافظة حلب وبمساعدة مقاتلي كتيبة عمر بن عبد العزيز التابعة للفوج 15 بلواء التوحيد وقتها والتي كان يقودها محمد عبدالقادر المعروف باسم (أبو فارس الزيادية) وتم ذلك بقرار شعبة الآثار بمجلس محافظة حلب الحرة التي كان يرأسها السيد عزام خانجي مدير مكتب التعليم في مجلس المحافظة بنفس الوقت وشارك بالإشراف على عملية النقل وقتها الشيخ عمار طاووز الذي كان متعاوناً مع مجلس المحافظة، وتم تغليف أجزاء المنبر بألواح اسفنجية قبل نقلها مع المخطوطات والكتب المتبقية من المكتبة الوقفية مع مكتبة المدرسة الشعبانية في حي الفرافرة إلى مستودعات مجلس محافظة حلب الحرة في مبنى بنك بيمو السعودي الفرنسي في المدينة الصناعية في حلب قبل أن يتم نقلها مرة ثانية قبل نهاية عام 2013، بعد انتخاب الدورة الثانية في مجلس محافظة حلب الحرة وإلغاء شعبة الآثار منه، إلى مكان مجهول، مع وجود معلومات غير موثقة عن نقلها إلى تركيا.
 
ويتمتع المنبر الذي تم نقله بقيمة أثرية كبيرة تعود إلى كونه مع منبر المسجد الأقصى في القدس المحتلة أقدم منبر لجامع في العالم، وكان المنبر صمم وصنع بأمر من السلطان المملوكي نور الدين الزنكي في القران الثالث عشر، لكنه لم ينجز إلا في عهد السلطان قلاوون حوالي العام 1300، أي قبل أكثر من سبعة قرون، وكان الزنكي أمر بصنع نسختين من المنبر، ذهبت إحداها إلى المسجد الأقصى، بينما خصصت الأخرى للجامع الأموي الكبير في حلب.
 
ونفذت شعبة الآثار بمجلس محافظة حلب الحرة مشروعاً هاماً لحماية معالم الجامع الأموي قبل إلغائها، حيث قامت بتاريخ 8 أيلول 2013 ببناء جدارين من الطوب، الأول أمام مقام النبي زكريا والمحراب يبلغ طوله 12 مترا وارتفاعه 5.5 مترا وبسماكة 40 سم ويبعد عن الواجهة 20 سم كفراغ هوائي يتضمن طبقة عازلة، أما الجدار الثاني فبني أمام بابي الوالي بطول 4 أمتار وارتفاع 5 أمتار وبسماكة 40 سم وفراغ هوائي 20 سم، كما تم بناء قبة صغيرة من الطوب لحماية الساعة الشمسية الموجودة في صحن الجامع.
 

ومنذ ذلك الوقت يشهد الجامع اشتباكات متقطعة بين قوات النظام التي تتمركز في محطيه وبين قوات الثوار التي تسيطر عليه، دون أن تؤدي هذه الاشتباكات إلى أضرار كبيرة وواضحة في الجامع باستثناء الأضرار التي يتسبب بها الرصاص الذي يصيب جدران الجامع.

طال الحريق الجامع الأموي
طال الحريق الجامع الأموي
الجدار الذي بني لحماية المحراب ومقام زكريا
الجدار الذي بني لحماية المحراب ومقام زكريا
بناء القبة لحماية الساعة الشمسية في صحن الجامع
بناء القبة لحماية الساعة الشمسية في صحن الجامع

التعليقات متوقفه