أيها السوري لا تخرج من بيتك: الازدحام في العاصمة يلتهم أوقات المواطنين – صبا جميل – ريف دمشق
أيها السوري لا تخرج من بيتك
الازدحام في العاصمة يلتهم أوقات المواطنين
صبا جميل- ريف دمشق
السوريون، ومنذ عشرات السنين، اعتادوا التأخّر عن مواعيدهم وأشغالهم بسبب الزحمة المستديمة في البلاد.
يعاني جميع الدمشقيين من قلة الأنفاق والجسور ضمن العاصمة، وكون معظم شوارع دمشق هي طرق من الدرجة الثانية أو الثالثة، بالإضافة إلى ندرة الأوتسترادات التي تقتصر على ما يسمونه أوتستراد المتحلق الجنوبي (وهو في الواقع لا يعدو كونه طريقاً من الدرجة الأولى بالمقاييس الدولية وليس أتستراداً).
إن تضافر هذه العوامل مع غياب الرغبة عند المؤسسات المعنية في الدولة ووزارة النقل لإيجاد حل لهذه القضية شكل، منذ عقود، زحمة خانقة تعاني منها العاصمة، وأزمة مرورية حقيقية تضاف إلى أزمات المواطن السوري التي لا تعد ولا تحصى.
أما اليوم وقد أرخت الأزمة السورية بظلالها على المشهد بشكل عام.. بعد أن تضاعف عدد سكان العاصمة لأكثر من ثلاثة أضعاف بسبب نزوح معظم سكان الريف وسكان المحافظات الأخرى إلى قلب العاصمة، فشكل ذلك، مع النقص الحاد في الوقود المستخدم في النقل العام والخاص، كابوساً حقيقياً يعاني منه السوريون في كل يوم.
نادين.. طالبة في كلية الحقوق ومقر جامعتها يقع في منطقة البرامكة بدمشق اختصرت على نفسها الذهاب إلى الجامعة لحضور المحاضرات فأصبحت كمن يدرس في جامعة افتراضية، تذهب مرة واحدة في الشهر لشراء المحاضرات من المكتبة ومشاهدة الإعلانات عن مواعيد الامتحانات. حدثتنا عن معاناتها فقالت: حتى الذهاب مرة واحدة إلى الجامعة كل شهر يشكل ضغطاً كبيراً بالنسبة لي، فانتظار سيارة النقل والجلوس في مقعد يتزاحم عليه عدة أشخاص يجلسون أو يقفون على جانب الحافلة، والاستمرار لأكثر من ساعتين لقطع مسافة ليست طويلة بسبب الزحمة الكبيرة في الشوارع، يجعلني اختصر قدر الإمكان موضوع الخروج من المنزل، وهذا سبب لي تراجعاً كبيراً في تحصيلي الدراسي.
أما باسل.. فيقول إنه يذهب كل يوم إلى مقر عمله سيراً على الأقدام. ومع أن مقر عمله يبعد كثيراً عن منزله لكن ذلك يبقى أفضل من انتظار باص النقل الداخلي لساعات دون جدوى أو ركوب النقل الخاص الذي ارتفعت أجرته بشكل مخيف ربما يتجاوز راتبه الشهري في حال استخدمه يومياً.
يبقى العامل الأهم في تردي الوضع إلى هذا المستوى هو وجود حواجز لقوى الجيش والأمن تقطع الطرقات وبشكل مبالغ فيه (أحياناً حاجزين متتاليين على شارع واحد) وتَحَكُّمِهم بشؤون العباد من خلال التدقيق على الهويات الشخصية والسؤال عن وجهة الشخص وسبب ذهابه إلى حيث يريد ورمي النكات والسخريات على هذا وذاك.. والذريعة هي البحث عن مطلوبين للدولة وحماية الناس من إرهابين من الممكن أن يكونوا موجودين بينهم ويقوموا بزرع المتفجرات في أي مكان.. مع العلم أن هذه الاحتياطات الكبيرة وتعطيل شؤون الناس الذي يقوم به النظام الفذّ في دمشق لم يمنعا وقوع تفجيرات نراها تحدث بشكل متكرر في العاصمة ودونما توقف.. وما يتم عرقلته بالفعل هو قدرة المواطن على الاستمرار بالحياة فقط.
التعليقات متوقفه