عالروزانا – عبد الباقي زيدان
عالروزانا
عبد الباقي زيدان
لعل القارئ الكريم يستغرب هذا العنوان، ويعود بذاكرته لأغنية فيروز: (عالروزانا عالروزانا كل الهنا فيها، شو عملت الروزنا الله يجازيها)، ولكن ما الرابط بين الشعب السوري وما يعانيه وبين أغنية فيروز؟
في خمسينيات القرن الماضي تعرّضت منطقة سوريا ولبنان لموجة صقيع أكلت الأخضر واليابس وذهبت بالزرع والضرع حيث أيبست معظم الأشجار ولم ينبت القمح ولا الشعير ونفقت الماشية وهلك الكثير من البشر.
وأكثر من تضرر بهذه الموجة هو لبنان ربما لكونه مرتفعاً بعض الشئ عن سطح البحر, حتى أن النساء عدّت تلك السنة تاريخاً فيقال فلان ولد سنة الصقيع وهذه الشجرة من قبل الصقيع وفلانة ماتت سنة الصقيع…
وفي هذه السنة جاء أحد الرهبان إلى لبنان ليجد الناس جياعاً ليس لديهم ما يأكلون فعاد أدراجه إلى أوربا مستغيثاً لعله يستطيع أن يسعف شعب لبنان أو على الأقل رعيته قبل أن يموتوا جوعاً وبرداً, وفعلاً انطلقت حملة لجمع المساعدات للبنانيين واستأجرت الكنيسة باخرة اسمها روزانا ROZANA لتحمل الخير والدفء والحياة إلى لبنان.
وصل الخبر إلى أسماع الجياع قبل وصول الخبز إلى أفواههم وصارت “روزانا” حديث الساعة فإذا طلبت المرأة من زوجها ثوباً وعدها عا الروزانا، وطالما وعد الأب أطفاله بثياب العيد عا الروزانا، وقد وعد الحبيب حبيبته الزواج عا الروزانا، ولا أستغرب إن كان الراهب نفسه منَّى نفسه عا روزانا، عا روزانا… عا الروزانا… عا الروزانا… عا الروزانا…
وطالما استطرد الجالسون بظل حيطان ضياعهم بالحدث عن الروزانا وما تحويه من مؤن ونقود ونبيذ، وكذلك لم تقصر النساء بالحديث عن الروزانا وما ستحمله من ثياب وعطور وزينة…
حتى صار كل متأمل يؤكد أن ما يتمنّاه آت عالروزانا… عالروزانا… عالروزانا…
ولم يدم الانتظار كثيراً، فقد حطت روزانا في ميناء بيروت وخرج الناس البسطاء لاستقبالها علهم يسدوا رمقهم بما تحمل، وكانت الفاجعة فالروزانا لم يكن فيها شيء مما انتظروه….
إذ كانت تحمل البسكويت والبسكويت فقط!
وحالنا اليوم كحال أهل لبنان بالامس،فالاجتماعات الروسية والأمريكية… عالروزانا، واجتماعات أصدقاء سوريا… عالروزانا، ومؤتمرات الاتلاف الوطني… عالروزانا، مؤتمرات جنيف… عالروزانا….
وعالروزانا عالروزانا كل الهنا فيها شو عملت الروزانا الله يجازيها
التعليقات متوقفه