ماذا تريدون – أحمد الزين
ماذا تريدون؟
أحمد الزين
في بداية الثورة كان الجميع لايحمل هدفاً غير إسقاط النظام، فما الذي جرى بعد ذلك؟
كان الخوف يسكن الجميع، فالمتبرع بماله يتبرع من وراء حُجُب ومن لديه أقارب من الثوار يتجاهلهم ويتحاشى الحديث معهم، ومع ذلك لم يثنهم خوفهم عن إطلاق الإشاعات على الثوار والتهكم عليهم والتقليل من قيمة عملهم بقولهم: “أشو بدهن كنا عايشين ومكيفين؟” والجميع كان يراهم عبئاً علينا، إلى أن جاء الفصل من الثوار أنفسهم، ليقولوا للجميع آن لكم أن تتحرروا من عبوديتكم وخوفكم؛ أطلقوا ألسنتكم دون خوف، اصرخوا في وجه ظالمكم.
فقاتلوا بأسلحةٍ بسيطة وقدموا أطهر الدماء وأنبلها ليحررونا من سجنٍ وقضبان أغلقت أفواهنا وأذهاننا على حدٍ سواء.
وبعدها انطلقت حناجر الصامتين والخائفين مدوية لتتحدث عن بطولاتها وتضحياتها، فهذا قدم المال، وذاك قدم المعلومة، وذاك جلس في بيته ولم يخشَ هول القذائف أثناء التحرير، ويالها من بطولات! عندما تُقارن بمقارعة الدبابة والمدفع.
وبدأ سيلٌ من الأبطال يظهر للعيان، أبطال الخارج يقولون: لولا مالنا لما تحررتم لذلك يجب عليكم طاعتنا فنحن مجاهدين بأموالنا والجهاد بالمال قُدِّم على الجهاد بالنفس فطعام الفقير منا وسلاح المقاتل لنا، فكل الفضل لنا.
أبطال الصمت في الداخل يقولون: هؤلاء حثالة المجتمع من هم لنطيعهم؟ نحن أفضل منهم علماً وأرفع منهم قدراً، جلُّهم من عائلات فقيرة وليس لهم قدرتنا على الإمساك بزمام الأمور.
وبدأ الجميع الكلام رغم أن لا أحد منهم ينوي أن يسمع أو يفهم، يطلقون اتهاماتهم على ثائرٍ ما بأنه طامعٌ بمنصب وأنه شبيح الثورة، وقبل أن ينتهوا يأتي خبر استشهاده على جبهة الكرامة مديراً ظهره لكل أقاويلهم واتهاماتهم.
قال الرسول صلى الله عليه وسلم في المشاركين بغزوة بدر: (اعملوا ما شئتم فقد غُفِر لكم) وكان ذلك تشجيعاً للصحابة على الجهاد، فكيف نتوقع من ثوارنا اليوم أن يقاتلوا ونحن لا نغفر لهم أصغر الهفوات بل وأحياناً نفتري عليهم زوراً وبهتاناً؟
ماذا تريدون، أن يخلصوكم من ظالمكم وأنتم تظلموهم، أو أن يعودوا لبيوتهم كما خرجوا منها أول مرة؟
لم يسمعوا منكم غير الاستهزاء ولم يروا غير طمعكم بقطف جهودهم وتضحياتهم ولم يلمسوا منكم فهماً للحرية… فمتى ستعلمون أن للثورة رجالاً ولكن… ليس أنتم!
التعليقات متوقفه