الجرائم المرتكبة في سوريا خارج صلاحيات محكمة الجنايات .. بعد انسحاب موسكو من نظام روما

بالإضافة إلى أن المحكمة الجنائية الدولية لم يكن متاحاً لها حق النظر في الجرائم التي ارتكبتها قوات الأسد في سوريا، لأن السلطة الحاكمة غير موقعة على نظام روما، الذي تأسست المحكمة على أساسه في عام 2002، فإنّه لن يعود بمقدورها النظر أيضاً في الجرائم التي ترتكبها القوات الروسية، لسحب موسكو توقيعها من النظام المؤسّس للمحكمة، بالتزامن مع انطلاق الدورة الـ15 للدول الأعضاء، فيما نفى مسؤول أممي كون روسيا عضواً بالأصل في المحكمة.

وتأسّست المحكمة الجنائية الدولية سنة 2002، كأول محكمة قادرة على محاكمة الأفراد المتّهمين بجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم الاعتداء، وتعمل على إتمام الأجهزة القضائية الموجودة، ولا تستطيع أن تقوم بدورها القضائي ما لم تبدِ المحاكم الوطنية رغبتها أو كانت غير قادرة على التحقيق أو الادعاء ضد تلك القضايا، فهي بذلك تمثل المآل الأخير.

كما تقتصر قدرة المحكمة على النظر في الجرائم المرتكبة بعد 1 يوليو/تموز 2002، تاريخ إنشائها، وهي منظمة دولية دائمة، تسعى إلى وضع حد للثقافة العالمية المتمثلة في الإفلات من العقوبة، و تُعتبر أول هيئة قضائية دولية تحظى بولاية عالمية، وبزمن غير محدّد، لمحاكمة مجرمي الحرب ومرتكبي الفظائع بحق الإنسانية وجرائم إبادة الجنس البشري.

وقد أعلنت روسيا رسمياً، اليوم الأربعاء، سحب توقيعها على نظام روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية، متهمة المحكمة بـ “عدم المصداقية والافتقار إلى الاستقلالية”.

وقالت الخارجية الروسية، في بيان: إنّ “الرئيس فلاديمير بوتين وقّع مرسوماً بشأن نية روسيا الانسحاب من مجموعة الدول الموقعة على نظام روما، المؤسّس للمحكمة الجنائية الدولية، وسيصل إخطار بذلك قريباً إلى المحكمة”.

وجاء قرار روسيا بالتزامن مع وصف مدعية المحكمة، فاتو بينسودا، في تقريرها السنوي ضمّ روسيا شبه جزيرة القرم في عام 2014 “بمثابة نزاع مسلح دولي”، إلا أن السكرتير الصحافي للرئيس الروسي، ديمتري بيسكوف، اعتبر أنه لا يمكن تصنيف ضم القرم كـ”نزاع مسلح”، مشيراً إلى أن ذلك يتعارض مع موقف روسيا ورأي سكان القرم الذي أبدوه، وذلك في إشارة إلى الاستفتاء الذي نظم في شبه الجزيرة ذات الأغلبية الروسية، تمهيدا لضمها.

وتتّهم روسيا المحكمة بالتركيز على اتهامات لمليشيات أوسيتية وقوات روسية، بارتكاب جرائم حرب أثناء الحرب الروسية الجورجية في أغسطس/ آب 2008، وغضّ النظر عما ارتكبته القوات الجورجية، بحسب قولها.

في المقابل، نفى مسؤول أممي، “أن تكون روسيا عضواً في المحكمة الجنائية الدولية، التي لم تتلق بدورها أية مراسلات رسمية منها بشأن قرارها إيقاف مشاركتها في اتفاقية روما الخاصة بتأسيسها”.

وأوضح فرحان حق، نائب المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، با كي مون، في حديث للصحفيين بمقر المنظمة الدولية بنيويورك أن “توقيع روسيا على اتفاقية روما، يعني فقط أنها كانت تعتزم الانضمام للاتفاقية، دون أن يعني ذلك أنها باتت عضواً بالفعل فيها”.

وسبق أن أعلن العديد من الدول الأفريقية الانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية، عندما أبلغت غامبيا الأمم المتحدة رسمياً، الإثنين الفائت، بانسحابها من المحكمة، بعد خطوة مماثلة قامت بها جنوب إفريقيا وبوروندي في تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

وقال رئيس المحكمة صديقي كابا في افتتاح الدورة الـ15 للدول الأعضاء في لاهاي “أهيب بكم: لا تغادروا! كما ندّد بالـ”عدالة المتغيرة”، في إشارة إلى منع موسكو محاولات عدّة في مجلس الأمن الدولي لإحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية.

وأضاف أن “حق النقض (الفيتو) يجب ألا يكون امتيازاً، يجب أن يكون مسؤولية كبيرة، ويجب أن يتمّ استخدامه بانضباط عندما تكون هناك جرائم جماعية”.

التعليقات متوقفه