كيفية حل الأزمة السورية – وجهات نظر من كل أنحاء العالم – مترجم عن “الغارديان” البريطانية

وجهة نظر روسية: توجس واضح لدى الجمهور الروسي صورة نقطية جديدة

فلاديمير فرولوف: محلل سياسي روسي

لا يعتبر التدخل العسكري الروسي في سوريا اختياريا إلى حد بعيد؛ باعتباره ضرورة لهزيمة “إرهاب الدولة الإسلامية”، لكن هذا التدخل يعيد روسيا مرة أخرى إلى الواجهة كقوة لا غنى عنها في المجتمع الدولي.

سمح إرسال قوات روسية إلى سوريا لموسكو بفرض أسلوبها في محور الدبلوماسية العالمية بما يخص سوريا، في حين ابتعد النقاش عن أوكرانيا، التفوق العسكري ودبلوماسية القوة هما أسس الشرعية الشعبية للقادة الروس، شنت موسكو غاراتها الجوية على سوريا ابتداءً من يوم 30 أيلول/سبتمبر،  نسبة 15٪  فقط من الروس مهتمون بهذه الغارات، لكن شهراً كاملاً من التغطية التلفزيونية المكثفة نتج عنه توجيه أذهان الناس إلى هدف الكرملين من غاراته الجوية على سوريا حيث ارتفع التأييد الشعبي للعمليات الروسية في سوريا إلى 53٪ بحسب استطلاعات الرأي،  47٪ يوافقون على الهدف المعلن للغارات والمتمثل بمنع داعش من مهاجمة روسيا، في حين يعتقد 29٪ بأن روسيا تحمي نظام الأسد من الثورة التي ترعاها الولايات المتحدة.

ولا يخفى أن شعور التوجس في الشارع الروسي يفرض نفسه حيث يعارض 22٪ من الروس التدخل بسوريا، ويعارض 66 ٪ نشر قوات على الأرض، 17٪ لا يفهم لماذا تقاتل روسيا في سوريا، فيما يخشى 39٪ من أن الحرب ستؤدي إلى خسائر بشرية روسية، في حين أن 41٪ يعتقدون أن الحرب ستنهك الاقتصاد الروسي.

يتجه الرأي العام الروسي حول سوريا بشدة لصالح نظام الأسد، حيث تصور روسيا هذا النظام على أنه خط الدفاع الأخير ضد داعش، تركز خطة بوتين على ضرورة تقسيم المعارضة وإشراك الأعضاء الذين يوافقون على إجراء محادثات مع الأسد ووقف الاقتتال مع النظام، وتوجيه سلاحهم بالتالي ضد داعش، إنها خطة ذكية تهدف لخلق واقع جديد في سوريا من خلال تحويل الحرب الأهلية إلى عملية مكافحة الإرهاب.

 

  وجهة نظر من الولايات المتحدة: العملية الدبلوماسية غير ممكنة دون حماية ما للمدنيينصورة نقطية جديدة

فريدريك هوف: مستشار سابق لوزارة الخارجية الأمريكية في سوريا

ترى كل من موسكو وطهران داعش كتذكرة عبور إلى العالم المتحضر وأداة يمكن أن تجبر الرئيس أوباما على سحب كلماته  التي قالها في أغسطس/آب 2011 والتي تضمنت دعوة الأسد إلى التنحي، الروس والإيرانيون يعرفون جيداً أن ما يدفع بمزيد من السوريين للقتال إلى جانب داعش هو جرائم الحرب التي يرتكبها نظام الأسد وجرائمه ضد الإنسانية.

يشمل الحل النهائي للأزمة السورية من وجهة النظر الأمريكية الوصول إلى شرعية سياسية، من خلال ترسيخ حكم شامل في سوريا، يكون غير طائفي وقائم على إجماع عامة السكان وحكم القانون. قد يكون قد عفى الزمن على هذا الحل، الخطوة الأولى للوصول إلى حل هي تغيير المسار الذي حول الأزمة الداخلية في سوريا إلى أزمة إقليمية، وإيقاف موجة اللجوء ذات الأبعاد الديموغرافية  التي تضرب أوروبا. ولكن كيف يتحقق كل ذلك؟ يجب على الولايات المتحدة أن تحوز زمام المبادرة.

ويتم ذلك أولاً من خلال توفير الحماية للمدنيين السوريين داخل سوريا، فبدون ذلك لا يوجد إمكانية لعملية دبلوماسية فعالة، نعم، سيتطلب ذلك تدابير عسكرية محدودة، إذا لم تلجم روسيا وإيران حليفهما الأسد. ولكن من الأفضل أن تعطى روسيا وإيران والنظام فرصة لوقف المجازر قبل أن تصبح  ردة الفعل  العسكرية الأمريكية لازمة.

ثانياً، القيام بمبادرة دبلوماسية واسعة بغية تنظيم القوات القتالية البرية الإقليمية -المشاة والمدرعات والمدفعية- مع دعم قتالي في أوروبا للعمل مع قوات العمليات الخاصة الأمريكية وطائرات التحالف بهدف القضاء على داعش في سوريا، وهذا من شأنه أن يخلق تقدم دبلوماسي في الدرجة الأولى، لأن داعش سيعمق جذوره في سوريا إذا أعطيت المزيد من الوقت، تفتقر الحملة العسكرية الحالية ضد داعش الى القوات البرية الكافية، بهزيمة داعش سيتمكن السوريون من إقامة الحكم العادل في شرق سوريا، وستقلب هذه الهزيمة مجرى المعركة ضد داعش في العراق.

لا يمكن أن نصل إلى الحوار ومفاوضات التسوية والانتخابات وإيجاد دستور جديد مادام المدنيون السوريون مهملون من قبل العالم الغربي في الوقت الذي يواصل فيه داعش تمدده شرق البلاد، قد تمر عقود حتى تصل إلى الحكم بسوريا حكومة ذات شرعية سياسية شعبية، ولن نصل إلى هذه الحكومة أبداً قبل أن يتم إيقاف وإعادة توجيه المسار الحالي المنحدر في البلاد، فالوقت هو جوهر المسألة.

وجهة نظر إسرائيلية: لهزيمة داعش على الغرب دعم الأكراد، مع الحذر من إيرانصورة نقطية جديدة

مايكل هيرتسوغ: جنرال متقاعد في قوات الدفاع الإسرائيلية

أصبحت سوريا بؤرة لاضطرابات إقليمية؛ حيث تم تصدير اللاجئين والإرهاب وعدم الاستقرار إلى أماكن أبعد من الشرق الأوسط. من بين جيران سوريا، كانت إسرائيل أقل المتأثرين، اسرائيل ليست جزءاً من الحرب ولا حتى من الجهود الدبلوماسية، مع ذلك فهي لا تزال شريكاً في مستقبل جارتها الشمالية.

في إسرائيل يتم الحكم غالباً على التطورات في سوريا من خلال الخطر المباشر الذي يشكله محور تقوده إيران، وإيران قوة إقليمية معادية بشدة لإسرائيل وتستخدم في ذلك ورقة حزب الله، ما تبقى مما يسيطر عليه الأسد في سوريا هو بمثابة قناة حيوية لتجديد ترسانة الصواريخ الضخمة لحزب الله والتي تستهدف إسرائيل.

في المقام الأول إن أي نتيجة دبلوماسية محتملة في سوريا محكومة بالتطورات على الأرض، وهذا لا يبشر بالخير في التوصل إلى حل؛ ذلك بسبب عدم وجود أي لاعب رئيسي قوي يمكن أن يتغلب على الآخرين في سوريا، وأيضاً عدم وجود أي لاعب ضعيف يمكن القضاء عليه.

يتفق الجميع على ضرورة القضاء على داعش، ولكنهم منقسمون فيما إذا كان الأسد جزء من المشكلة أو الحل، ولذلك ينبغي أن يركز صانعو السياسات الغربية على الأجزاء المختلفة في سوريا، بالإضافة إلى التركيز على تحديات محددة.

أولاً، ينبغي تكثيف الحملة العسكرية ضد داعش، حيث ينبغي على الغرب تعزيز دعمهم للأكراد، فهم القوات البرية الوحيدة القادرة على هزيمة داعش ومن ثم على الغرب دعم القبائل العربية السنية.

ثانياً، ينبغي دعم الثوار الأكثر اعتدالاً في جنوب سوريا لمنع إيران وحلفائها والجهاديين السنة من السيطرة على المنطقة. ثالثاً، يجب الشروع بحلول إنسانية عاجلة، وذلك لتخفيف المأساة الإنسانية.

وأخيراً، ينبغي أن تركز كافة الجهود لمنع تمكين إيران وأتباعها من الشيعة الذين قد يحفزون السنة على الارتماء بأحضان الجهاديين، الأمر الذي يزيد من زعزعة استقرار المنطقة.

وجهة نظر إيرانية: محاولات القوى الخارجية لتغيير النظام ستديم عدم الاستقرارصورة نقطية جديدة

حسين ديراخشان: مدون في الشأن الايراني-الكندي

لا يعرف الإيرانيون الشباب سوى القليل عن سوريا، والأمر يختلف عندما يتعلق بالإيرانيين الأكبر سناً، الذين يتذكرون حرب الثماني سنوات مع العراق. ويذكرون أنه بينما دعمت منطقة الشرق الأوسط بأكملها صدام حسين، لم يقف سوى حافظ الأسد، والد بشار، مع إيران. وربما يذكر الإيرانيون أيضا التحالف الاستراتيجي غير المكتوب بين البلدين: إذا تعرض أحد البلدين لهجوم، فعلى البلد الآخر مساعدته. والحقيقة أن حافظ الأسد قال لبشار في وصيته: دائما عليك الوثوق بالإيرانيين عندما تحتاجهم، خلافاً لغيرهم من القادة العرب فهؤلاء لا يمكنك الاعتماد عليهم.

ولكن الجميع في ايران يتحدث عن مدى أهمية سوريا لإيران كرادع ضد غزو إسرائيلي محتمل، إذا كانت إيران دماغ وجيب لمقاومة المعادية لإسرائيل في المنطقة، فإن سوريا هي القلب الذي يضخ الموارد إلى حزب الله، الذي هو القبضة الدفاعية لإيران.

لم يهتم الشعب الإيراني كثيراً بسورية في البداية، حافظ المرشد الأعلى آية الله خامنئي على الوعد الذي أعطاه لوالد بشار، فأشرف على إرسال مساعدات مالية وعسكرية إلى سوريا للمساعدة في مقاومة جماعات المعارضة المسلحة.

مع ظهور داعش كل شيء تغير، ما أقلق الجمهور هو وحشية داعش وتقدمها غير المتوقع في العراق نحو الحدود الإيرانية الغربية.

بالنسبة لإيران، يبدأ التوصل إلى حل للأزمة السورية من خلال دعوة جميع الأطراف إلى وقف تدخلها. يجب هزيمة أو تحييد الجماعات المسلحة والممولة من الخارج، يسود اعتقاد في ايران مفاده أنه بمجرد القضاء على محاولات تغيير النظام ستكون سوريا مستقرة بما يكفي للتفكير في مستقبلها المنشود مع أو من دون الأسد.

 

وجهة نظر تركية: لقد جاءت سياسة أردوغان بنتائج عكسية، نحن الآن أكثر قليلاً من مجرد “متفرجين”صورة نقطية جديدة

جينسير أوزكان: أستاذ العلاقات الدولية في جامعة بلجي في اسطنبول

وضعت الثورة في سوريا حزب العدالة والتنمية في مأزق بين الوقوف إلى جانب النظام أو دعم الثوار، العلاقات الوثيقة مع سوريا من قبل حكومات حزب العدالة والتنمية هي أفضل مثال لفكرة مهيمنة في خطاب الحزب في الشرق الأوسط؛ في الواقع أظهرت الحملة الدعائية المعدة لانتخابات 2011 كل من أردوغان والأسد يداً بيد في الصفحات الأولى من الصحف، بعد الانتخابات وقيام الثورة في سوريا وتوقع سقوط النظام، انتقل حزب العدالة والتنمية من سياسته في التعاون الوثيق مع نظام الأسد إلى سياسة تغيير النظام، حيث لعبت تركيا دوراً رئيسياً في تشكيل وحماية الجيش السوري الحر.

كان لدى تركيا آمال أكبر من اللازم، في فبراير 2012، في مؤتمر أصدقاء سوريا، قال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو: “ستكون تركيا الرائد ضمن نظام سلام إقليمي جديد”. لكن الزمن أثبت أن توقعاته غير مجدية في سوريا، وقد جاءت السياسة التركية في سوريا بنتائج عكسية على عدة مستويات وهي أخطر أزمة لاجئين في تاريخنا، وأيضاً عبء ثقيل على السياسة التركية، حيث أودت الإنفجارات في بلدات على طول الحدود السورية بأرواح المئات، وتم اعتبار جميع الذين لم يناصروا سياسة تغيير النظام كشركاء للأسد، كان المجتمع منقسم وكانت هناك معارك بين المؤسسات الأمنية في تركيا.

وسط ما وصفه أحدهم بـ”عزلة تركيا الثمينة” في الشرق الأوسط، أصبحت سياسات أنقرة ترتبط بالوضع الراهن، توصلت تركيا إلى تفاهم مع واقع المسرح السوري، ولكن بوصفها مجرد متفرج.

وجهة نظر فرنسية:   سوريا قسّمت فرنساصورة نقطية جديدة

بيير هسكي: رئيس تحرير سابق لصحيفة ليبراسيون الفرنسية

بعد الهجمات الأخيرة في باريس بات معظم الشعب الفرنسي يتفق مع الرئيس هولاند بأن “العدو هو داعش”، كانت تصريحات هولاند السابقة توازي الأسد بداعش.

على نحو متزايد لا يُنظر لسوريا باعتبارها واحدة من بلدان الربيع العربي، ولكن بوصفها معقل الإسلام الراديكالي الذي يحرض الشباب الفرنسي المسلم على خوض الجهاد الأسطوري، ومن هنا انقسم الفرنسيون إلى معسكرين بسبب تدفق اللاجئين السوريين إلى أوروبا في الأشهر القليلة الماضية، معسكر يريد اظهار الكرم والرحمة، متمثل بسياسة أنجيلا ميركل في الانفتاح والاستقبال. وآخر يدعوه “غزو” المهاجرين. لهذا السبب، حاولت الحكومة الفرنسية استيعاب كلا المعسكرين، وذلك بقرار اتخاذ نصيبها من العبء الأوروبي من اللاجئين.

من الواضح أن المستفيد الرئيسي من هذه التصورات المتبدلة هي جبهة مارين لوبان الوطنية، قد يعلن الرئيس هولاند عن اجراءات أمنية مشددة، وينتقم من داعش، ولكن رسالة الجبهة الوطنية تواصل انتشارها، أصبحت سورية كابوس فرانسوا هولاند، وللتذكير: كان فرانس هولاند أول من قطع علاقته بنظام الأسد بين الدول الغربية في عام 2012 واعترف بالمعارضة الديمقراطية، لكنه اضطر لتوضيح موقفه من خلال وصف داعش باسم “العدو”، وإسقاط  الأسد من أولوياته في الوقت الراهن، وقد انتقدت جماعات حقوق الإنسان وبعض الخبراء هذا التحول، الذين يعتبرون أن ويلات البلاد سببها الأسد، ولكن التحول في الموقف خطوة منطقية بعد الهجمات.

*ترجمة محمود العبي عن صحيفة الغارديان البريطانية لمشاهدة المقال الأصلي إضغط هنـــــا

التعليقات متوقفه