محافظة الحسكة – بين ضغوط النظام وتعدّد الطوائف – محمد فراس العلي – خاص
محافظة الحسكة
بين ضغوط النظام وتعدّد الطوائف
محمد فراس العلي – خاص
محافظة الحسكة التي تقع أقصى الشمال الشرقي، تمتاز بموقعها الجغرافي الهام، فهي قريبة من الحدود العراقية والتركية، وفيها الكثير من حقول النفط ومراكز تكريره القريبة من المحافظة, بالإضافة إلى المناطق الصناعية الهامة المتواجدة فيها.
لم تشهد الحسكة -حتى اليوم- ما شهدته المحافظات الأخرى؛ من الخراب والدمار الذي خلفته قوات الأسد وشبيحته. ويرجع ذلك إلى أسباب كثيرة منها؛ تعدّد الطوائف في الحسكة، وقيام النظام بمعاملة كل طائفة بطريقة خاصة ومختلفة, بالإضافة إلى طبيعة شبابها الذين هاجروا في معظمهم بحثاً عن عمل.
عصابة الشبيحة المقنّعة
ظهرت في السنة الماضية 2012 مجموعة تضمّ حوالي 300 عنصراً، أسّسها النقيب بسام العرسان واتّخذت مبنى فرع حزب البعث في الحسكة مقراً لها، وأسماهم أهالي الحسكة بالمقنّعين نظراً لأنهم يقنّعون وجوههم، وبالإضافة إلى ذلك يقال إنهم لا يعرفون بعضهم البعض، ويأخذون رواتباً من النظام، يقدّرها أحد أبناء المنطقة بحوالي 20 ألف ليرة سورية.
اشتهرت هذه المجموعة وذيع صيتها في الحسكة والمناطق القريبة منها، وذلك بفضل أعمالها الإجرامية الغريبة، وشراسة النقيب بسام في التعامل مع المعتقلين, إذ يقول الناشط الإعلامي ع.س للغربال: (إن هؤلاء الشبيحة يقومون بمداهمات البيوت والمنازل كما يحلو لهم، ولا يمكن حتى للمحافظ ردعهم, أما فرع الحزب فيُشاع أنه يحتوي وسائل تعذيب مثل الكرسي الكهربائي وبعض والمناشير والمثقاب! إذ قاموا مرّة باعتقال أحد المتّهمين بالخروج في المظاهرات في شارع الجامع في غويران, وقطعوا رأسه بعد التحقيق معه “بمقص الشجر” وبعد يومين وجدت جثته فجراً مرمية أمام منزله)!
ويضيف الإعلامي عمر: (منذ فترة ليست بالبعيدة بدأت تظهر في الحسكة ظاهرة غريبة, إذ كل بيت مشكوك في نشاطاته الثورية كان يُكتب على بابه: “محجوز للثأر”, وإذا لم يغادر صاحب البيت بيته خلال يومين؛ تقوم مجموعة مجهولة بخطفه ولا يعلم مصيره بعد ذلك)!
مسيحيو الحسكة، بين نار الهجرة ونار العمل مع النظام!
ع.ح؛ طالب جامعي في كلية العلوم ومن أبناء الحسكة، يقول للغربال: (بحكم أن أغلب العائلات المسيحية غنية بالمال؛ فقد تعرّضت لجملة من عمليات الخطف والتهديد حتى وصلت الأرقام إلى أكثر من 200 عملية خطف للشباب المسيحي في مدينة القامشلي وحدها)، ويضيف: (بعد أن راجت عمليات الخطف المستهدِفة للشباب المسيحي في القامشلي قام مجموعة من الشباب والشابات من الطائفة نفسها بتشكيل فرقة سمّيت بالسطورو “Stero”، وكان هدف هذا التجمّع حماية الحارات المسيحية في القامشلي, وبعد فترة زمنية قصيرة من تشكيله قام النظام بتزويد عناصر التجمّع بالسلاح، ليتحول من مبدأ حماية الطائفة المسيحية من الاعتداءات الحاصلة بحقها؛ إلى التشبيح مع النظام ومضايقة المتظاهرين والناشطين).
الواقع الخدمي في الحسكة
تعاني الحسكة من شحّ في الماء والكهرباء والدواء على حدا سواء, فاعتماد المحافظة على سدّ الفرات وسدّ تشرين في حصّتها من الكهرباء؛ جعلها تعاني الكثير من النقص وخاصة بعد تحرير السدَين.
فعن المياه يقول العمّ أبو خليل، أحد النازحين من دير الزور إلى الحسكة: (كان وضع المياه جيداً، ولكن بعد تحويلها إلى خط راس العين بدأت تأتينا ملوّثة ومخلوطة بالتراب, لدرجة أننا أصبحنا في كل أسبوع ننظّف خزانات المياه من التراب الراكد في أسفلها).
وفي سياق منفصل، يعاني المجال التعليمي في الحسكة من سوء في الخدمات، فقد شهدت مدينة الحسكة خلال العام الماضي ازدحاماً طلابياً هائلاً، وبالأخص بعد نزوح أغلب أهالي دير الزور المدينة إلى الحسكة، بالإضافة إلى حصر تقديم طلاب الشهادات في محافظة الرقة بعد تحريرها في الحسكة, الأمر الذي زاد من عبء المدارس.
ولا يختلف الحال مع طلاب الجامعات، فهم أيضاً كان لهم نصيب من الازدحام الطلابي الكبير، حتى وصلت الحال بالطلاب الجامعيين إلى تقديم الامتحانات في ممرّات الكليات. وتعود أسباب هذا الازدحام إلى القرار الذي أصدرته وزارة التعليم العالي في دمشق، والذي يقضي بالسماح لطلاب الجامعات بتقديم امتحاناتهم في الكليات المماثلة لفروعهم في أي جامعة, ونظراً للعدد الكبير من الطلبة الجامعيين الذين ينتمون إلى الحسكة والقامشلي وريفهما والمنتسبين إلى جامعات حلب ودمشق وحمص وتشرين؛ فقد قام أغلبهم بتقديم امتحاناته في كليات الحسكة, مع العلم أن أغلب الكليات المتواجدة في الحسكة اتخذت من المدارس الضيَقة مقرات لها.
الواقع الطبي يعاني نقص الكوادر
م.ب مدير مركز حقوقي في الحسكة، ويعمل بشكل سري في توثيق النشاطات التي تحدث في المدينة، تحدّث عن الواقع الطبي قائلاً: (لقد عانت المدينة من نقص كبير في الكوادر الطبية، فقد وثّقنا حتى اليوم هجرة نحو 200 طبيب وطبيبة من المدينة، عدا عن انشغال البعض في المشافي الميدانية العسكرية التابعة للنظام, وفيما يخص الأدوية فهناك أصناف عديدة مفقودة من صيدليات الحسكة, بسبب اعتماد الحسكة بشكل أساسي على معامل الأدوية في حلب والتي توقّف معظمها عن العمل, لذلك يضطر ذوو المرضى إلى السفر إلى تركيا أو دمشق حتى يأمّنوا تلك الأدوية لمرضاهم).
القطع العسكرية المحيطة بالحسكة:
يحدثنا محمد.هـ عن القطع العسكرية المتواجدة حوال الحسكة فيقول: (هنالك قطع عسكرية ضخمة حول مدينة الحسكة, إذ يوجد على جبل كوكب المطلّ على المدينة قطعة عسكرية تابعة للفرقة 17، وتعتبر أقرب قطعة عسكرية للمدينة وتحتوي أكثر من 5000 عسكري، إلى جانب ذلك يوجد فوج الميلبية الذي يضمّ أكثر من 500 مقاتل، بالإضافة إلى عناصر الأمن والشبيحة المنتشرين ضمن المدينة ويقدّر عددهم بحوالي 4000 عنصر، ناهيك عن قوى البي كي كي الموالية للنظام والتي تدير المناطق ذات الغالبية الكردية, عدا عن المتواجدين في أقسام الشرطة وحفظ النظام).
التعليقات متوقفه