الحالة الفيزيائية لأب سوري – يمنى الخطيب

الحالة الفيزيائية لأب سوري

يمنى الخطيب

توتري أعظمي، والسبب هو جيبي المفلس، وراتبي الذي انتهى قبل أن تلمسه يدي، وبريق السعادة في حياتي معدوم، وقيمتي بلا نقود في هذا الغلاء معدومة، وجرياني في الدنيا غير مستقر، فلا أثبت على عمل يسد رمق أولادي الجياع، وتدفق المصائب كبير، أما عن توازني فهو قلق، وشعاع المصيبة تارة يكون مماساً لي وتارة عمودياً عليَّ ويتعلق كل ذلك بارتفاع وانخفاض قيمة الدولار!

اكتشفت أن سعتي دائماً عظمى، ولا تنعدم إلا بانعدام وجودي، وكدت أصاب بنوبة تقضي علي عندما طلب ابني مصروفه بالدولار!

همتي أحياناً تكون بعكس عقارب الساعة (+) وأحياناً معها (-) ويتوقف ذلك على حجم الصدمات المتدفقة، ودوري الخاص هو حاصل قسمة عدد النقود المتوفرة لدي على عدد الاحتياجات الكثيرة، ودرجة الرضى من النفس وراحة الضمير تتناسب طرداً مع كمية الاحتياجات الموجودة في ثلاجتي وعكساً مع نقصانها، وتنعدم إن كانت ثلاجتي فارغة ككل يوم!

الضغط المطبق عليّ كبير جداً، وأنا مع الأسف بعد مرور أيام  عصيبة أصبحت قابلاً للانضغاط، ودرجة غضبي كتيار متناوب تصعد وتنزل مع حركة الأسعار، وشعاع احتياجاتي الكثيرة لا يمكن حساب قيمته حالياً حتى لو طبقت دراسة فرينل.

أتمنى أن أملأ جيبي بكثير من النقود وأن يبارك الله فيها لكي لا يكون جيبي خالياً كفراغ تورشللي.

Print

لقد سقطت الليرة السورية سقوطاً حراً، ولم تظهر أية مقاومة، فجعلتني أدور في هذه الدنيا البائسة دون أن أتوازن، إذ شرط توازني هو أن يكون مجموع عزوم القوى المؤثرة علي معدومة كما هو قانون نيوتن الثاني وإلا فقد يختل توازني كما هو الآن وأبقى مقلقلاً. وبما أن القوى سياسية اقتصادية قمعية فإنني أخشى أني لن أتوازن مدى الحياة، ولكنني قررت أنه كلما تقدم الكسل نحوي وضربني سأضربه وأمشي بعكسه، على مبدأ الفعل ورد الفعل، لتكون حركتي في طريق عملي الشاق والمتجدد مستقيمة ومنتظمة! وعلى الرغم من هذا أشعر أن التشاؤم أفضل من التفاؤل، ولا يسبب الصدمات، لأنه عندما تكون أفكاري ومخططاتي موجبة؛ ينفر كل موجب مني وكل شيء سالب ينجذب نحوي، على مبدأ “الأجسام المتماثلة الشحنة تتنافر”، وأرى الناس حولي كالنوى التي تحتفظ بالبروتونات الموجبة وتنشر السالب في كل مكان.

إنني كأحد لبوسي مكثفة بينها وبين الاستقرار المادي الذي يشكله اللبوس الآخر مادة عازلة قوية جداً.

أتمنى أن يكون دكاني الصغير الذي فتح مؤخراً مغناطيس زبائن ممتاز، لكنه مثل كل المغانط له قوى جذب مختلفة، فبعض الزبائن ينجذبون لبضاعتي وبعضهم لا تؤثر عليهم أبداً بل ولا يرمقونني بنظرة شفقة، ولا أحظى إلا بالزبائن المفاليس وطالبي الديون!

والنتيجة: تبين الأيام السابقة التي مرت علي أن حالتي المادية تتحسّن بحصولي على عمل يدر راتباً وفيراً، وبنقصان الاستمرار في صعود وهبوط الدولار، وفي زيادة معدل الإحساس بالآخرين، وبوجود الضمير لدى التجار الذين يرفعون الأسعار بارتفاع سعر الدولار ولا ينزلونها بنزوله!

التعليقات متوقفه