انخلي يا هلالة – خطيب بدلة

انخلي يا هلالة..

خطيب بدلة

خطيب بدلة – خاص الغربال

لا شك في أن «هلالة» من أكثر الشخصيات الشعبية السورية صيتاً، وشعبيةً، وذكراً، ولا سيما خلال الثورة السورية العظيمة التي تم تمديد عرضها عاماً ثالثاً، بنجاح كبير!.. لأن أمريكا تريد أن تحنو على إسرائيل، وتُبقي روسيا مبسوطة، وأن تحافظ على شَعْر وليام هيج محلوقاً على الموس، وضريح فابيوس معووجاً نحو اليسار، وتطمح إلى نتف لحية الإرهابي حسن نصر الله، وتوجيه الأنظار نحو يوسف القرضاوي الذي كنا قد حسبنا أنه مات، وتجميع مقاتلي «جبهة النصرة» في مكان معين من أجل أن تقصفهم بالطائرات التي لا طيار لها!Print

«زَيُّون اللي ستّها من كحلون»، ليست أصل المشكل، كما زعم العبقريان عاصي ومنصور الرحباني،.. فأصلُ المشكل، في الحقيقة، وفي الواقع، وفي المنطق، هو السيدة «هلالة» التي استلمت الطحين المسروق من زوجها، ووضعته في المنخل على أهبة الاستعداد، وقالت لزوجها الذي كان يُعرف بين الناس باسم «جوز هلالة»: اذهب وقابل الضيوف، وحاول أن تستدرجهم إلى حلف اليمين، فإذا طلبوا منك أن تحلف، احلف: بالله العظيم، أو بشرفك، أو بضميرك، أو بالطلاق (بالتلاتة)، كاذباً، على أنك لم تسرق طحين الشعب.. وبعدها اسكت، وغَيِّرْ السالفة، وحاول أن تمضي معهم بقية الزيارة بالمجاملات السخيفة، والعلاك المصدي، فإذا انصرفوا، وتأكد لك أنهم لن يعودوا، تعال إليّ ركضاً، أو سحلاً مثل أم أربع وأربعين، أو تَدَحْرُجاً، مثل (أم علي الدعبلي)، وأخبرني بالأمر، وأنا بدوري أرقع زلغوطة طويلة، وأنخل قسماً من الطحين، وأعجنه، وأخبّىء ما يتبقى منه للمستقبل، وإن شاء الله عمره الشعب ما يعجن ولا يخبز ولا يأكل!

وحينما سمع «جوز هلالة» من الضيوف أصحاب الطحين، عبارة (احلف بالله العظيم على أنك لم تسرق الطحين)، لم يتمالك نفسه من الفرح، وسرعان ما تركهم في الأوضة، ومط رأسه نحو الغرفة الأخرى، مثل الحردون، وقال لزوجته (انخلي يا هلالة)، ورجع إلى الضيوف، وقال لهم: أنا أخشى ما أخشى أن يدخل اليمين الذي سأحلفه أمامكم في باب اللغو، فإذا سمحتم لي، سأتوضأ الآن، وأحلف على المصحف الشريف على أنني لم أسرق الطحين.

ضحك الأشخاص المتواجدون في مضافة «جوز هلالة» حتى ظهرت ألسنة المزامير التي تتوسط قيعان حلوقهم، ووقع نصفهم على الأرض، وأغمي على ربعهم، من شدة الضحك، وقام الربع المتبقي برش الماء على وجوه (الغميانين)، وعملوا على إجلاس الواقعين على الأرض، ثم قال قائلهم، بمنتهى الجد: ولاك حيوان، ما راح أقلك (كر) حتى لا تعتقد أننا من شبيحة النظام.. أأنت تعتقد أننا لم نكتشف أمرك؟ … أخي مرحبا.

قال «جوز هلالة»: مرحبتين.

قال الرجل: نحن نعرفك، ونعرف تاريخك، ونعرف كم أنت خسيس، ولهذا فأنت تلزم لنا، ونحن نلزم لك، لدينا أعمال كثيرة غير قصة الطحين.. بدنا، قبلما تنتهي الثورة، نشيل كام مليون للمستقبل.. وإذا ما عندك مانع، خلي أختنا «هلالة» تشاركنا.. لازم كلنا ننخل!

التعليقات متوقفه