معارض سوري.. مُطَعَّم على شبيح – خطيب بدلة – خاص الغربال

معارض سوري.. مُطَعَّم على شبيح

خطيب بدلة

خطيب بدلة – خاص الغربال

        لم أكن أعرف المعارض السوري الشجاع، المرياع، المقدام، المحجام، الصنديد، الرعديد، المكر، المفر (أ. م.) عن قرب.. وكنت أعتقد أن الأقدار يستحيل أن تُكَلْفِشَني (أي: تسوقني وتأخذني) إلى حيث ألتقي بحضرته، وأتشرف بالتعرف عليه، وأحظى برؤية الأنوار المُبهرة التي تشع من محياه (وجهه) المشرق.. إلى أن ذهب يوم، وأتى يوم آخر، ودارت الأيام، ومرت الأيام، ودُعيت، أنا خدام الطيبين، لحضور المؤتمر التأسيسي لاتحاد الديمقراطيين السوريين الذي عُقد في القاهرة.. هوب، وإذا بـ (الأخ) (الرفيق) (الزميل) (العينتين) (أ. م.) متقزمع (أي: متكوم) هناك مثل الـ (…).. إلخ..

وفهمت، على الفور، بأن (سعادته) مدعو إلى المؤتمر بوصفه معارضاً ديمقراطياً لا يُصلى له بنار، ولا يُشَقُّ له غبار، ولا تغرب الشمس عن فكره الديمقراطي، وآرائه النيرة، ورؤاه المواطنية الاجتماعية المدنية العادلة!

        كنت، منذ بدايات هذه الثورة السورية العظيمة، أشاهدُ المعارض المدعو (أ. م.)، مجعوصاً (أي: متكئاً)، على أحد جانبيه في استوديو إحدى المحطات الفضائية التي أنشئت خصيصاً لدعم الثورة، مثل الأمير الضارط، و(كاعد) يصيح، ويقاقي، ويبيض بيض حباري من طيز عصفور دوري.. ففلان من المواطنين السوريين، برأيه، حقير، ونحن ننتظر انتصار الثورة حتى نحاسبه حساباً عسيراً،.. وعلان شبيح ملتصق بالنظام الديكتاتوري، وهذا سنسحله، وعلاك البان مُخبر، مرتبط بالأجهزة الأمنية، وسوف نفرمه (كباب)، وزيد عواطفه ليست مع الثورة، وهذا سندقه مثلما ندق الهبرة في جرن الكبة.. وسوف نعتقل، وسوف نحاسب، وسوف نعلق مشانق، وسوف نقطع الأوصال…Print

        ومع أنني، أنا محسوب الأوادم، واقف مع الثورة منذ بداياتها، وأمتلك رغبة عارمة باندحار مؤيدي الأسد المجرم، وذهابهم إلى مزبلة التاريخ، إلا أنني كنت أشمئز، وأمتعض، وأشمأنط، وأنقز، ويقشعر بدني من تصريحات المعارض (أ. م.)، وأتمنى أن يمسك أحد الإخوة الثوار بتلابيبه.. ويُبَلِّمَهُ.

        (توضيح: يُبَلِّمَهُ، أي يضع على فمه بلامة، وهي قطعة مصنوعة من القش يُسَدُّ بها فمُ العجل الصغير لئلا يرضع من بز أمه، بقصد أن يترك الحليب للفلاح لكي يبيعه، ويقال عن العجل في هذه الحالة: مُبَلَّم.. والتبليم- كذلك- يمنع المعارض من الحكي السخيف، فيكفينا، بذلك، خيره وشره)!

        كنت أظن أن الكلام المقزز الذي كنت أسمعه من (أ. م.)، حينما كان ينجعص في الفضائية المعارضة ويبيض بيض الحباري هو الدليل الوحيد على كونه من صنف الشبيحة.. ولكن منظره، وهو جالس في بهو الأوتيل القريب من أهرامات الجيزة، بالشورت، وهو يعلك علكة، ويضع على عينيه نظارتين شمسيتين، ذكرني بأبناء حافظ الأسد (باسل وبشار وماهر) حينما تؤخذ لهم صورٌ بالنظارات الشمسية، يعلقها السائقون الشبيحة على مؤخرات سياراتهم ويكتبون تحتها عبارة: هكذا تنظر الأسود!

        وزادت المصادفة في طيني بلة، حينما سمعتُ جزءاً من حديث (أ. م.)، بالموبايل، وكان يتوعد غيره من الناشطين المشاركين في هذا اللقاء الديمقراطي، ليس بالمشاكسة والمعارضة بالرأي، وإنما بالسحق!

        يعني، من الأخير.. أي الحالين أكثر فائدة للثورة؟ أن يكون (أ. م.) معنا، أم مع النظام القاتل؟!

التعليقات متوقفه