العقل الثوري – عبد العزيز الموسى

العقل الثوري

075852_2008_08_21_13_51_31

عبد العزيز الموسى

الفكر وعائلته من حكمة وعقل وترو وهدأة بال ومنطق وحسابات، عملات باطلة لا تجد أسواقاً لها هذه الأيام. بل أراها معيقة ومعرقلة في أوجه عديدة. لا عقل في مواجهة الموت المتنزل على العباد كما المطر. الدفع الغرائزي المتهيج قادر دون عقل على الوصول للمكان الذي يريد واقتلاع كل الذرائع المسقية بعناية عبر حلقات التاريخ الجائر.

السلطة مهمتها ككل سلطة استبدادية، إحكام سد الثغرات التي يرجح أن تنز منها الأخطار حتى لا يتخرب البنيان, قلاع السلطة لأول وهلة تبدو متينة ويصعب على الخاطر القفز عبرها فكيف ولوجها. هنا تلعب الغريزة التي من مزاياها ألا تكون غريزة وحسب, بل غريزة جائحة, عند هذه النقطة التي تعند فيها الحسابات والمقارنات العقلية يصير امتشاق الغريزة وامتطاء الحمق عين الحكمة. سريعة وصارمة ومتشفية وستكون على المدى القريب, أشد نفاذاً وأثراً من كل الخطط المنطقية والحسابات الوقورة المتأنية. ومن هنا ومن غير أن نقصد أو نخطط تتخربط أوراق اللعبة وتتهاوى القلاع المشيدة بالحديد والصلب والقلم والفرجار, وهو بالضبط ما سينّظر له الناس لاحقاً في كتبهم ويصفونه بالحكمة. الغريزة العجماء، عند هذه المفاصل المنيعة عين السداد، وليس العقل الممدّد على أكداس من الخيبات والمخاوف, سواء أكان الذي يواجهك على الضفة المقابلة ديكتاتوراً  طاغية غشوم أو كان تراثاً ثرثاراً يتعادل حضوره وغيابة على سلم الأولويات البشرية.

الغريزة تتقحم بضراوة لفعل  شيء، وتصل لمحرق الحقيقة أو ما يشبه الحقيقة بأقل قدر من الخسائر والخيبات وتعتبر أنه ليس عيباً أن تسجل هذه الخيبات على جداولها مع أن التاريخ أفهمنا أكثر من مرة أن: الفقراء وحدهم والضعفاء وحدهم يدفعون الفواتير طوعاً أو كرهاً لرفع مقامات بشر وخفض مقامات بشر في كل زمان ومكان .

التعليقات متوقفه