ناحية سنجار.. أولى بلدة تُقصف بالطائرات الحربية في إدلب

كانت مركزاً للمظاهرات في ريف إدلب الشرقي بعد بلدة جرجنار، وفيها يجتمع أبناء القرى والبلدات المحاذية لريف حماة من أجل التظاهر في كل يوم جمعة، وفي المناسبات الثورية، ومنها انطلقت أول تنسيقية لتنظيم المظاهرات في المناطق الشرقية.

تقع ناحية سنجار في أقصى ريف إدلب الشرقي، وتبعد عن مدينة معرة النعمان نحو 35 كيلو متراً، و18 كيلو متراً عن بلدة أبو الظهور، ومطارها العسكري، وبلغ عدد سكانها في إحصائية عام 2011 نحو 5 آلاف نسمة.

يعمل معظم أبنائها في الزراعة والتجارة وتربية المواشي، وفيها نسبة كبيرة من طلاب الجامعات، كما تُعدّ مركزاً للتسوق، ويقصدها أبناء القرى والبلدات المحيطة، في كل يوم خميس، حيث يتجمّع آلاف الأشخاص، لحضور (البازار)، المقسّم إلى جناح للمواشي وآخر للقماش وباقي السلع.

يوجد في البلدة محطة قطار لنقل الركاب، ويمرّ من طرفها الغربي الخط الحديدي الحجازي، إضافة إلى مخفر للشرطة وبلدية وشركة كهرباء ومركز للهاتف ومخبز حكومي، يغذّي عشرات القرى، وتقع فيها واحدة من أكبر صوامع الحبوب في سوريا.

ومن أهم ما يميّزها وجود مسجد واحد، على الرغم من كبر مساحتها، يجتمع فيه جميع المصلّين يوم الجمعة، والصلوات المفروضة، وصلاة التراويح.

في البلدة أبنية قديمة وقباب طينية وأبنية حجرية، ما يدل على قدمها، وفيها بئر ماء قديم، كان يشرب منه جميع أبنائها، وخلال أعمال الحفر لتركيب أنابيب الصرف الصحي، تمّ العثور على العديد من المغارات والأنفاق الأثرية.

تشتهر البلدة بزراعة القمح والشعير والبقوليات، وفيها بعض آبار المياه الحديثة، كما أُقيمت فيها العديد من المشاريع الزراعية، إضافة إلى أنها تحوي مزرعة كبيرة للدولة، تبلغ مساحتها نحو 1000 دونم.

كان أبناء البلدة من السبّاقين في الالتحاق بركب الثورة التي انطلقت شرارتها من محافظة درعا، فخرجت فيها مظاهرات في الأشهر الأولى من عام 2011، وكانت مركزاً لتجمّع آلاف المتظاهرين، الذين كانوا يتوجّهون إلى مدينة معرة النعمان غرباً، أهم مركز للمظاهرات في إدلب.

تُعتبر البلدة أولى منطقة تُقصف بالطائرات الحربية في إدلب، وقد تكون الأولى في كل سورية بحسب أحد ناشطيها، حيث قصفتها طائرة حربية من طراز ميغ 21، انطلقت من مطار أبو الظهور، في شهر آب عام 2012، وقُتل في ذلك القصف شخص واحد، وتمّ تدير عدّة أبنية.

طرد أبناؤها عناصر الشرطة ومركز الناحية في بداية الثورة، وتمّ تشكيل كتيبة مسلحّة تابعة للجيش الحر، انضم إليها لاحقاً العشرات من أبناء القرى المجاورة، وتحوّلت فيما بعد إلى لواء ضمّ نحو ألف مقاتل، ما بين متطوع ومنشق.

اقتحمها جيش النظام مرة واحدة، في آخر يوم من شهر آذار عام 2012، وأحرق العديد من منازل الناشطين، كما قتل أحد المشاركين في المظاهرات، لدى محاولته الخروج من البلدة، بالتزامن مع دخول الدبابات.

لم يمنع اقتحام النظام البلدة أبناءها من التظاهر، فازدادت الأعداد، حتى بلغ عدد المتظاهرين في إحدى المظاهرات نحو ثلاثة آلاف، شارك فيها المئات من أبناء القرى والبلدات المحيطة.

وفي جمعة العشائر، في الشهر السادس من عام 2011، خرج أبناؤها في مظاهرة جوّالة، مستقلّين الدراجات النارية والسيارات، حتى وصلوا مدينة معرة النعمان، وشاركوا في المظاهرة الكبيرة، التي اجتمع فيها عشرات الآلاف من أبناء المعرة وريفها، وتمّ اقتحام معسكر وادي الضيف في ذلك اليوم.

وبعد دخول الجيش واستقراره في مدينة معرة النعمان وجبل الزاوية ومحيطهما، استقبلت البلدة مئات العائلات النازحة، حتى تضاعف عدد ساكنيها عدّة مرات، وبلغ نحو 15 ألفاً، وأُقيم فيها سوق (بازار) إضافي يوم السبت، الذي كان يوم بازار المعرة.

تعرّضت البلدة كغيرها من مدن وبلدات سوريا لقصف طائرات النظام وصواريخه ومدفعيته، وارتكبت فيها الطائرات ثلاث مجازر، هنّ مجزرة سوق القماش وهي أكبرهنّ، حيث قُتل فيها نحو 150 شخصاً، ومجزرة سوق (المازوت) ومجزرة سوق المواشي.

انشق معظم أبناء البلدة عن جيش النظام، وشاركوا في الثورة إلى جانب إخوانهم وأقاربهم وجيرانهم، ولا يُعرف أحد منهم عمل في صفوف النظام كمقاتل.

قدّمت البلدة عشرات الشهداء، معظمهم على جبهات القتال في حلب وحماة، ووادي الضيف، والعدد الأكبر من شهدائها هم من الشباب، الذين التحقوا بصفوف الثوار للدفاع عن أهاليهم وأرضهم.

 

 

 

التعليقات متوقفه