الفتيات القاصرات ضحية زواج قسري في مناطق سيطرة “داعش” – سونيا العلي

استغلال النساء واجبارهن على الزواج القسري هو أحد أبشع جرائم تنظيم “داعش”، تحدثت الغربال إلى عائلات سورية عديدة في الرقة وريف حلب تعرضت لضغوط من قبل “داعش” من أجل الموافقة على تزويج بناتهم لمسلحي التنظيم، وترضخ هذه العائلات لطلب الزواج خوفاً من بطش “داعش” وظلمه وهذا ما أكده “أبو صالح” من أبناء ريف حلب الشرقي والذي يبلغ من العمر “45” عاماً، يقول “أبو صالح” للغربال: “طلب أحد أمراء داعش الزواج من ابنتي هنادي، التي تبلغ من العمر 16 عاماً، رفضت تزويجها له لأن عاداتنا وتقاليدنا لا تسمح لنا بتزويج الفتاة قبل أن نعرف أصل الخاطب، ونتأكد من أخلاقه وسمعته، بعد عدة أيام جاءني يهدد باتهامي بأنني من مسلحي الجيش الحر، تسبب هذا الاتهام بصدمة كبيرة لي لأنني لم أحمل السلاح يوماً، وعلمت بأن الموت سيكون مصيري لا محالة، ما جعلني أوافق على طلب الزواج مكرهاً، وكانت ابنتي هنادي ضحية هذا الابتزاز المعلن”.

تقول هنادي للغربال: “لقد فرض عليّ هذا الزواج فرضاً، وجدت نفسي مرغمة عليه لإنقاذ حياة والدي وكان عليّ تحمل مشقات الزواج ومسؤولياته، لم أشعر أبداً بالفرح، كنت أعيش معه كجسد بلا روح، لم يستمر هذا الزواج إلا مدة شهرين، وانتهى هذا الزواج عندما انتقل زوجي مع رفاقه إلى جبهة أخرى للقتال”.

بعض الفتيات رفضن الرضوخ للزواج القسري ليفضلن عليه الهرب أو الانتحار، كما حصل مع “ريم القربي” البالغة من العمر عشرين عاماً، والتي أقدمت على الانتحار حسب شقيقتها التي قالت للغربال: “انتسب أخي لتنظيم داعش عندما دخل التنظيم الرقة حيث كنا نقيم، بدأ أخي يفكر بعقليتهم، ويتحدث بلسانهم، كأنهم سيطروا على عقله وأفكاره تماماً، وبعد فترة أخبرنا أخي بقراره الذي يقضي بتزويج أختي ريم من أحد زملائه في التنظيم، لم تتحمل أختي التفكير بمشقة هذا الزواج ونتائجه المأساوية، فأقدمت على الانتحار بتناول السمْ، ولم يبق لأخي بعد ذلك إلا الندم والحسرة”.

الأمر نفسه هو الذي جعل أم جابر تغادر الرقة هاربة مع ابنتها ذات الثانية عشرة من عمرها، بعد أن اقتحم أحد عناصر داعش منزلهما تحت تهديد السلاح، وأعلن بأن الفتاة أصبحت زوجة له.

أما “أم سياف” وهي زوجة أحد قياديي “داعش” التي وقعت بيد الاستخبارات الأمريكية، وكانت تعمل مسؤولة عن النساء داخل التنظيم، فقد نقلت الصحف الأمريكية على لسانها حديثها عن نظرة “داعش” للنساء في مناطق سيطرته حيث ينظر لهن عناصر التنظيم على أنهن أدوات للزواج من أجل العناية بالبيت، وولادة جيل جديد مقاتل للتنظيم، تقول أم سياف: “عناصر التنظيم يمارسون الزواج القسري من الفتيات المسلمات فقط، أما غير المسلمات فترتكب بحقهم أعمال الاغتصاب والاعتداءات الجنسية لأن التنظيم يعتبرهن “سبايا”، ويبرر التنظيم ذلك ويزعم بأن الإسلام يبيح ممارسة الجنس مع الإماء غير المسلمات كما يبيح ضربهن وبيعهن كجواري أو تقديمهن كهدايا”.

نتيجة لذلك أقدمت معظم العائلات في مناطق داعش على تزويج الفتيات منذ سن مبكر وهن قاصرات لا يعرفن حقوقهن وواجباتهن وهذا ما حصل مع أحمد السلوم أحد أبناء الرقة البالغ من العمر 45 عاماً الذي قال للغربال: “لدي ثلاث بنات زوجتهن وهن صغيرات حفاظاً على شرفهن وكرامتهن، فالرقة أصبحت أشبه بسجن كبير، ما كدنا نتخلص من النظام ووحشيته واستبداده حتى بلينا بعدو جديد لا يقل عنه ضراوة وشراسة، لذلك أقدمت على تزويج بناتي كما فعل الكثيرون مثلي خوفاً من تعرضهن للزواج القسري من قبل عناصر داعش وخاصةً بعد أن كثر هذا الأمر بنسبة كبيرة حيث سجلت في الرقة وحدها حوالي 300 حالة زواج قسري من عناصر “داعش”.

الطبيب النفسي ابراهيم وفائي يقول للغربال: “العديد من النساء عذبن من قبل داعش وعوملن كالرقيق، حتى اللواتي تمكنَ من الهرب، لازلن يعانين من آثار صدمة نفسية عميقة، والأذى النفسي والجسدي الذي مورس ضد النساء يبدو واضحاً إضافةً للمعاملة التمييزية على أساس الجنس، ويجب على أهالي الفتيات إعادة تأهيلهن نفسياً من أجل العودة للاندماج في المجتمع، والسعي إلى علاجهن من الصدمة التي تعرضن لها”.

التعليقات متوقفه