رداً على “تحذير أخير لأمة تشرف على الموت” – فاطمة رمضان
أكثرنا ما زال يعيش حلم الطبقة الوسطى، عندما يسمع أن طبيباً أو محامياً أو مهندساً تحدث بموضوع ولو خارج اختصاصه فإنه يصدقه ويقتنع برؤيته دون أن يقيم مدى صوابها، وهذا ما يبني ركائز الجهل والتخلف في مجتمعنا.
الطبيب الذي كتب مقال “تحذير أخير لأمة تشرف على الموت” (لقراءة المقال إضغط هنـــا)يقارن بين معلم الصنعة السوري وأستاذ في إحدى أرقى الجامعات الأمريكية التي تبلغ ميزانيتها بلا شك ميزانية دولة كاملة من دول العالم الثالث، لست أدري على أي معايير يمكن بناء مقارنة بين الاثنين ثم اطلاق أحكام على أمة بأكملها بناء على مثل هذه المقارنة!
حتى أن المقارنة بين أساتذة جامعاتنا و أساتذة الجامعات في الغرب هي مقارنة في غير محلها لأن جامعاتنا لا تعدو أن تكون عبارة عن معسكرات مخابراتية لا يسمح بالتدريس فيها إلا لفشلة محسوبين على أجهزة الاستخبارات أو مساطيل يتحدثون بمنطق مراهقين مصابين بفورة هورمونات ومن يبرز من طلابها بتفوقه يهاجر إلى الغرب، ومع ذلك تبرز نماذج مشرفة رغم الأسى كالدكتور سيف عبد الفتاح ويمكن مراجعة الشهادة التي يتم تداولها الآن على صفحات “فيسبوك” لأحد تلامذة الدكتور يتحدث بها عن روعة الدكتور سيف بحيث يذكرنابالأستاذ الذي حكا لنا الكاتب في مقاله عنه!
من السلف الذين أنتقد الكاتب تقديسهم العلامة “أبو حنيفة” صاحب أول مدرسة فقهية إسلامية، كان “أبو حنيفة” يتدارس المسألة الفقهية شهراً مع تلاميذه و كان يدع تلاميذه يتولون النقاش في الأدلة وكانوا هم من يديرون الأبحاث وكان دور “أبو حنيفة” يقتصر حينها على الإشراف والتوجيه حتى أصبح لتلامذة أبي حنيفة شأن لا يقل عن شأنه، ينطبق نفس الأمر على الإمام أحمد بن حنبل الذي كان يستقبل أثناء حبسه تلميذه الذي يأتيه متنكراً لتجاوز الرقابة على الإمام أحمد الذي كان ممنوعاً من التعليم حتى تم القبض على الإثنين معاً متلبسين في جريمة التعليم!
لا يقدس كتاب السلف إلا متحجري الفكر وهؤلاء ليسوا كثيرين في مجتمعاتنا، أحد المرتكزات الفكرية التي يقوم عليها التيار السلفي هو عدم تقديس أحد حتى وصل بعض أبناء التيار إلى عدم إحترام أحد، ابن القيم مثلاً لا يحوز أي قدسية عند دارسي الشريعة ويتم تناول أخطائه في كتابه “تلبيس إبليس” لدى طلاب كليات الشريعة بشكل متكرر.
أما البخاري الذي لا أدري كيف صنفه الكاتب مع ابن القيم فعمله أقتصر على تسجيل الأحاديث النبوية وفق معايير صارمة شكلت أفضل منهج علمي لتحقيق هذه الأحاديث بحيث كانت خلاصة عمله أفضل جمع للصحيح من أحاديث الرسول الكريم، ولا أدري كيف يريد الكاتب أن “نجدد” كتاب البخاري فهل يريد أن نحيي الموتى ونفحصهم لنقرر من كان يحفظ الحديث النبوي ومن لم يفعل!
تعقيب المحرر:
تتحفظ مجلة الغربال على أي عبارات تمس شخص الكاتب الذي تم الرد عليه وتحتفظ له بحق الرد على رد الكاتبة، كما أنها تحتفظ لجميع القراء والمتابعين بحق الرد على المقالات المنشورة.
التعليقات متوقفه