منح الجامعات الأوربية فرصة طلاب سوريا لإكمال دراستهم – سما الإبراهيم

اعتاد السوريون على القول: “وحدهم من يملكون المال يمكنهم إكمال دراساتهم في الخارج، ووحدهم من يعيشون بترف يستطيعون تحقيق أحلامهم في الوصول لمراتب عالية في تحصيلهم العلمي”، بالمقابل لطالما سمعنا في المدارس السوريّة الحكمة القائلة: “من جدّ وجد، ومن سار على الدرب وصل”، يصل الشبان السوريون لنهاية مرحلة الدراسة الثانوية أو الجامعية ناسين هذه الحكمة ليبدؤوا بلوّم الظروف والوضع المادي والمعيشي على تدميره لحياتهم ومستقبلهم، ماذا لو لم تكن الظروف هي السبب، ماذا لو كنت أنت أيها الشاب السوري أول المدمرين لأحلامك، ماذا لو علم الشباب السوريين بأن الفرصة موجودة ولكنهم لم يكبدوا أنفسهم عناء البحث عنها.

الفرص موجودة

تقدم منظمات التنمية العالمية ما يزيد عن 650 فرصة سنويا على شكل منح دراسية تقدم لبلدان العالم الثالث التي تعرضت لنزاعات وحروب، بهدف تهيئة المجتمع لعملية إعادة الإعمار عن طريق تهيئة كوادر بشرية تحوز الخبرة العملية والنظرة الثاقبة لحل مشكلات وآفات ظهرت قبل أو خلال الحرب، حيث تركز هذه المنظمات التنموية على اعادة بناء الانسان وتجهيزه للعودة الى بلده ليخدمها من خلال نقل خبراته ومعارفه اليها.

إضافة للفرص التي تقدمها المنظمات التنموية، تقوم سفارات البلدان المتقدمة بتقديم هذه الفرص أيضاً، كما يوجد برنامج خاص في بعض جامعات اوروبا والولايات المتحدة لتقديم منح دراسية من الجامعة نفسها لطلاب دول العالم الثالث.

بعد الأحداث الدامية التي شهدتها سوريا في الأربع سنوات الماضية زاد تركيز هذه المنظمات والجامعات على استقدام الطلاب السوريين ممن اطرتهم الظروف لإيقاف تحصيلهم العلمي.

كيف يحصل الطالب على المنحة؟

بعد ترك الطالب السوري لجامعته وهروبه خارج سوريا خوفاً من الاعتقال من قبل قوات النظام أو تجنباً لخطر الخدمة العسكرية في جيش النظام، يجلس نادباً حظه لضياع مستقبله، متناسياً وجود فرص ذهبية ليست مستحيلة ولا تحتاج للمحسوبيات والواسطات بل تحتاج فقط لإصراره وإظهار تميزه ليستطيع الحصول عليها.

قامت شابة سورية بتأسيس عدة صفحات على الفيسبوك هدفها مساعدة كل سوري يرغب في الحصول على منحة للدارسة بالخارج  أو قبول جامعي، الدكتورة شذى الخليل الحائزة على دكتوراه في قياس الناقلية الكهربائية للمعادن والسوائل المعدنية بإستخدام مبدأ قوة “لورينتز” من جامعة “جينا” الألمانية، ترشد الطلاب في صفحاتها هذه للطريق الصحيح لتحصيل قبولات جامعية ومنح دراسية أو بحثية، تقول الدكتورة شذى: “كل مايلزمك لتحصل على منحة هو معرفة كيفية كتابة السيرة الذاتية ورسالة الدافع بالاضافة لمراسلة الجامعات والحصول على قبول منها، كما نقوم بمساعدة الطالب بكتابة مقالات علمية لمجلات عالمية وكيفية نشرها في أوروبا وأمريكا والعالم أجمع، لا نكتفي بذلك فقط، بل أسسنا أيضا مجموعات خاصة على فيسبوك تهتم بتعلم الانكليزية والتجهيز لفحصي الIELTS /TOEFL وتقديم نصائح الحصول على أفضل العلامات، نقوم بكل ما يمكننا فعله بالمجان ودون أي مقابل، ونركز في صفحاتنا على مبدأ مساعدة الغير فكل طالب حصل على منحة بعد تقديمنا للمساعدة له عليه أن يساعد ثلاثة سوريين غيره في رحلتهم للحصول على منح دراسية وكل هذه الخدمات مجانية بدون اي مقابل”.

وفي حديث مع أحد السوريين الحاصلين على منح دراسية في بريطانيا ، تقول السيدة سمر: “لقد بدأت القصة مع اقتراح من صديق لي بالتقديم على منح للعام الدراسي 2015-2016 ،  استبعدت الفكرة أولا بسبب فشلي في تحصيل قبول لدراسة الماجستير في الجامعات السورية حيث قدمت لمدة ثلاث سنوات متتالية وقوبل طلبي بالرفض بسبب معدلي المنخفض، والذي هو 70.2 أي جيد جدا ولكن وسط المعدلات المرتفعة للطلب خلال السنوات الاخيرة لم اجد فرصة لي،  وبتشجيع منه بدأت أفكر بالموضوع، وعندما استشرت عائلتي شجعني أفرادها على اكمال دراستي في المجال الذي ارغب به  وبدأت اجهز نفسي لفحص اللغة الذي لا بد لي من تقديمه لأضمن قبول جامعي، لم أجد أي معهد مختص يمكنه تدريسي وتجهيزي لفحص الIELTS  المطلوب مني في مدينتي، فقمت باستشارة اصدقاء لي سبق لهم تقديم هذا الفحص واستعنت بمراجع مختلفة وبأسئلة سنوات سابقة تنشرها السفارة البريطانية بشكل دوري، استجمعت كل قوتي على مدى شهر واحد وسافرت لبيروت لأتقدم للامتحان ونجحت به دون أن أدرك أنه كان أول خطوة في طريقي للحصول على منحة كاملة”.

تتابع سمر: “حصلت على المنحة بعد أن عبّرت عن نفسي للجنة القبول وأطلعتهم على خبراتي العملية ومخططاتي المستقبلية، حصلت على القبول بعد شهر ونصف كنتيجة طبيعية للجهد الشخصي الذي بذلته، الموضوع ليس معقدا الا اذا رغبنا نحن بتعقيده”.

توجه سمر رسالة لكل من يرغب بإكمال دراسته أن يحافظ على “قوة الدافع والانطلاق في رحلة البحث عن الفرص لأن الفرص لا تأتي اليك بل أنت من تذهب اليها، ليس بالضرورة أن تكون إنسان خارق أو دودة كتب كما يقولون لتحصل على منحة دراسية، يكفي أن تكون الصورة التي تقدمها عن نفسك و الطريقة التي تسوّق بها لمهاراتك واضحة وناجعة، يجب أن تكون متفرداً في طموحاتك ومقتنعاً بها، ومثابر على الوصول لهدفك بغض النظر عن تاريخك الدراسي السابق أو مرتبتك أثناء دراستك سابقا، كل الموضوع يتعلق بترابط افكارك وطريقة عرضك لشخصك أمام الآخرين.

الإصرار والمثابرة مفتاح النجاح

يقول  طبيب الأسنان يامن الذي تقدم لأكثر من خمسة عشر منحة للعام الدراسي 2015-2016 : كنت أنظر لفكرة التقدم لمنحة على أنها فكرة خيالية وكنت أعتبر أن تحصيل منحة هو حلم غير واقعي، بعد أن سمعت عن تحصيل عدة أشخاص تربطني بهم صداقة لمنح دراسية كاملة في أوروبا، ومع اصرارهم عليّ لأتقدم للمنح، لاحظت أن التقدم لهذه المنح ليس عملية معقدة ولا تخضع للمحسوبيات والواسطات كما كنت أعتقد، العملية أبسط من ذلك بكثير واليوم أنا أحد الحاصلين على منحة دراسية كاملة للدراسة في جامعة بريطانية عريقة.

ويقدم الطبيب يامن بعض النصائح لطلاب طب الاسنان الراغبين بالتقدم لمنح دراسية في أوروبا والعالم فيقول: “قد لا تستطيع الحصول على منحة لأختصاص في التيجان والجسور مثلا ولكن قد تستطيع التقدم لماجستير في الصحة العامة أو اختصاص تعويضات وجهية، أنت بحاجة فقط لتشق طريقك الأول ثم بعد تحصيلك للمنحة ستتوالا عليك الفرص المهمة التي طمحت لها دوما، ليس المهم أن تحصل اختصاص أحلامك فورا ربما تصل إليه بالتدريج فيما بعد، لذلك لا تحصر تفكيرك باحتمال واحد بل اترك كل الخيارات مفتوحة”.

ويضيف الطبيب يامن فيقول: تنقسم المنح لنوعين منح تركز على الجانب الأكاديمي للطالب ومنح تركز على الجانب التطويري والتنموي للبلد التي يأتي منها الطالب، وبالتالي عليك أن تقدم على المنح التي تناسب اختصاصك فمثلا اذا أردت دراسة العلوم الاجتماعية أو الحصول على ماجستير في ادارة الأعمال فعليك التوجه للمنح التي تعنا بالجانب التنموي مثل منحة سعيد التنموية، أما اذا كنت تركز على دراسات في التكنولوجيا والهندسة الكهربائية والحاسوبية فيمكن لفرصتك في منحة داد الألمانية أن تكون كبيرة.

ينهي الطبيب يامن حديثه قائلاً: ” إذا كنت ممن يرغبون بإكمال دراستك في جامعات أوروبا وأمريكا وبحاجة لمنحة دراسية فلا تترد بالمحاولة، جهزّ أوراقك، أحصل على شهادة لغة، وابدأ بالتقديم للمنح، كرر المحاولة وستنجح بالنهاية في تحصيل قبول”.

التعليقات متوقفه