حكاية لص جبلة.. من سرقة المنازل إلى سرقة الكتائب! – فريق الغربال
أكثر من ثلاث سنوات من الثورة والقتال ضد قوات النظام في ريف اللاذقية وريف ادلب، أنهاها “محمد جمعة” أحد القادة العسكريين في كتيبة الشهيد عز الدين القسام في ريف اللاذقية بغدره بأبناء جلدته ونكثه بالعهد والبيعة التي بايع بها حركة شام الإسلام وسرقة سلاح كتيبة أحرار جبلة التي أمنته على سلاحها، وكذب على رفاق دربه وسلاحه وأوصلهم إلى مصير مجهول بعيداً عن أهلهم وساحلهم وجبالهم الخضراء إلى صحراء موحشة مظلمة، حيث يسيطر تنظيم الدولة الاسلامية!
من هو محمد جمعة؟
محمد جمعة، هو الاسم الحقيقي لشاب في أواخر العشرينيات من عمره من مدينة جبلة الساحلية التي كانت من أوائل المدن التي انضمت إلى الاحتجاجات المناهضة للنظام السوري مع انطلاق الثورة رغم انحدار أغلب رموز الإجرام في النظام السوري من القرى المحيطة بها.
عمل جمعة قبل بداية الثورة بورشات التمديدات الصحية، وتمت إدانته بعدد من جرائم السرقة الموصوفة التي بقيت إلى وقت طويل لغزاً حير سلطات الأمن والشرطة في المدينة وجعلت الأب يشك بابنه والزوج يشك بزوجته فجميع تلك السرقات التي بلغت قيمة مسروقاتها حوالي خمسة مليون ليرة قام بها جمعة دون خلع أو كسر، وذلك من خلال التسلل عبر المناور (المنافذ الهوائية الضيقة في الأبنية السكنية) إلى أن تم إلقاء القبض عليه في سوق الصاغة في دمشق أثناء محاولته بيع المصاغ الذهبي المسروق ليسمى فيما بعد حسب بعض المواقع الإلكترونية الأخبارية حينها بلص جبلة المحترف!
محمد جمعة في الثورة
مع بداية الحراك الثوري والمظاهرات في مدينة جبلة أواخر شهر آذار 2011 كان محمد جمعة وأخوه مهند من أوائل المشاركين فيها، وبعد دخول قوات الأمن واقتحامها المدينة واعتقالها الكثير من ناشطي وشباب المدينة ومن بينهم شقيق محمد جمعة مهند الذي ما يزال إلى الآن خلف قضبان سجن صيدنايا لاذ الكثير من شباب المدينة بالفرار إلى لبنان وتركيا وغيرها هرباً من القمع والاعتقال.
وكان محمد جمعة من بين الذين توجهوا إلى تركيا وتحديداً إلى مخيم يايلاداغ الذي يعد من أوائل مخيمات اللاجئين السوريين على الجانب التركي من الحدود في محافظة هاتاي التركية.
في مخيم يايلاداغ التقى جمعة عدداً من شباب جبلة منهم ملهم طريفي وسعدالله حاج إبراهيم فاجتمعوا وقرروا النزول إلى الداخل السوري لينطلقوا إلى ريف إدلب وتحديداً بلدة الهبيط وكفرروما وهناك شاركوا مع كتائب الجيش السوري الحر المحلية في المعارك ضد قوات النظام.
بعدها اتفق جمعة مع رفاقه على تشكيل كتيبة مقاتلة تضم شباب مدينة جبلة بدلاً من بقائهم داخل المخيم وتحمل اسم أبرز الرموز التاريخية لجبلة وهو الشهيد عز الدين القسام فأعلن جمعة ورفاقه تشكيل الكتيبة بشهر شباط من العام 2012.
ومع اتساع خارطة الصراع المسلح بين الثوار وقوات النظام ووصوله إلى مناطق الساحل في ريف اللاذقية في الشهر الخامس من عام 2012 واندلاع معارك في الحفة وقراها ضد قوات النظام التي اتبعت سياسة الأرض المحروقة لإجبار كتائب الثوار على التراجع إلى جبل الأكراد وتحديداً إلى بلدة الكبينة التي انتقل إليها جمعة ورفاقه قادماً من ريف إدلب ليلتقوا هناك بثوار الحفة واللاذقية ويشاركوا معهم بتحرير بلدة سلمى وقراها في جبل الأكراد وما تبعها من معارك الريف التي برز بها اسم محمد جمعة إلى جانب الشهيد ملهم طريفي الذي استشهد خلال تلك المعارك في قرية (المريج) كما برز اسم أبو بصير اللاذقاني أحد أبرز رموز الثورة في ريف اللاذقية وقائد كتائب العز بن عبدالسلام، والذي قتل على يد أمير تنظيم الدولة في ريف اللاذقية أبو أيمن العراقي.
أصيب جمعة عدة مرات كان أخطرها إصابته خلال مشاركته مع كتيبة القسام وكتائب العز بن عبدالسلام في معركة بيت صويلحة وهي قرية تعتبر مركزاً للشبيحة في ريف اللاذقية حيث وقع الثوار المقتحمون في كمين جرح فيه عدد كثير منهم بينهم محمد جمعة الذي أصيب بثلاث طلقات كادت تودي بحياته لولا إسعافه إلى المشافي التركية.
عاد بعدها جمعة من جديد إلى الكتيبة وانتقل معها إلى جبل التركمان للمشاركة في المعارك الدائرة هناك ضد قوات النظام في حاجز الفرنلق واسترداد كسب والبسيط وغيرها من المواقع، كما شارك جمعة مع أبو بصير اللاذقاني بمعركة خربة السولاس بجبل التركمان حيث انتهت المعركة في المساء وعند تفقد العناصر من قبل قيادتهم للعودة إلى المواقع الجبلية تبين غياب جمعة الذي لم يظهر له أثر فقطع الجميع الأمل بعودته ظناً منهم أنه قد وقع في الأسر بعد سماع أصوات الشبيحة وهم يمشطون المنطقة، إلا أن جمعة عاد صباحاً بعد ليلة طويلة وسط ذهول الجميع.
ومع تمدد الكتائب الإسلامية والفصائل الجهادية في سوريا ووصولها إلى ريف اللاذقية بقي جمعة وأفراد كتيبته بعيدين عنها ككتيبة مستقلة لتقتصر علاقتهم معها فقط على التنسيق على محاور الاشتباك ووضع الخطط لمعارك لم تتم في تلك الفترة حيث كان جمعة أحد القادة العسكريين فيما كان يسمى غرفة عمليات المجاهدين بريف اللاذقية.
وبعد الانقسام التنظيمي في تنظيم القاعدة ونشوء تنظيم دولة الإسلام في العراق والشام وتمدده في المناطق المحررة ووصوله لريف اللاذقية كان جمعة يقابل تنظيم الدولة بشيء من السخرية وقتها دون إظهار أي نية لمبايعة ذلك التنظيم في ريف اللاذقية.
بعد انسحاب تنظيم دولة العراق والشام من ريف اللاذقية بايع محمد جمعة مع عناصر كتيبة القسام حركة شام الإسلام التي أسسها أبو أحمد المغربي، وشارك مع الحركة بمعارك صلنفة وكسب ونبع المر وبرج 45، التي استشهد فيها عدد كبير من قيادات الحركة أبرزهم مؤسسها أبو أحمد المغربي.
ورغم انتشار فكر تنظيم الدولة في ريف اللاذقية وانتشار الخلايا النائمة له والتحاق عدد من أفراد كتائب الساحل بشكل فردي بالتنظيم؛ لم تظهر لأحد نوايا جمعة بالالتحاق بالتنظيم فلم يُعرف عنه التشدد أو التطرف في أرائه الدينية فهو لم يتبنَ وجهة نظر تنظيم الدولة سابقاً.
لكن التكهنات والشكوك بدأت تظهر حول إمكانية التحاق محمد جمعة بتنظيم الدولة بعد التحاق النقيب أبو أحمد وهو أحد الضباط المنشقين والقادة العسكريين لحركة شام الإسلام بتنظيم الدولة برفقة أحد المهاجرين المغاربة.
السرقة والفرار الى أراضي “الدولة”
في الوقت الذي كانت فيه حرارة المعارك والاشتباكات بين الثوار وقوات النظام في ريف حماه في أعلى درجاتها في شهر تشرين الأول الماضي أعلن جمعة عن نيته الذهاب إلى ريف حماه مع عدد من المقاتلين وبعض العتاد لمؤازرة الثوار هناك، فذهب إلى كتيبة أحرار جبلة التابعة لحركة أحرار الشام حيث أن أغلب عناصرها وقادتها من أبناء مدينته ورفاقه طالباً منهم المشاركة بسيارة الشيلكا وطاقمها وطالباً منهم مدفع هاون ورشاش بي كي سي، إلا أن أحرار جبلة اكتفوا بإعطائه الهاون ورشاش البي كي سي، كما ذهب إلى حركة شام الإسلام التي ينتمي لها وأخذ منهم سيارتين بسلاحهما وقناصة دوشكا حديثة وبعض العتاد.
لينطلق إلى وجهته سالكاً طريق الريف الحموي وقبل أن يصل إلى مناطق تنظيم الدولة في ريف حماه أعلن عن نيته للعناصر المرافقين له وأوضح لهم أنه بصدد الذهاب إلى الرقة ومبايعة تنظيم الدولة وتسليمه السلاح قائلاً لرفاقه من شاء فليرجع إلى ريف اللاذقية ومن شاء فليكمل معي!
وبالفعل فقد عاد عدد منهم وبقي معه أربعة أشخاص بسلاحهم فقط من أصل عشرة ليدخل محمد جمعة بهم إلى أراضي التنظيم ويسلم السلاح الذي بحوزته.
اهتز ريف اللاذقية من وقع الخبر واستنكر عناصر جميع كتائب الثوار وقادتها ما فعله جمعة من خيانة للعهد والميثاق ولجرم السرقة الذي ارتكبه لسلاح سال دم رفاقه على سفوح ريف اللاذقية للحصول عليه، ورُفعت عليه عدة دعاوى أمام محاكم دار القضاء التابعة لجبهة النصرة في ريف اللاذقية.
مصير جمعة اليوم
لم يمضِ شهر على ذهاب جمعة والتحاقه بتنظيم الدولة حتى فوجئ بعض شباب مدينة جبلة بوجوده وحده في مدينة مرسين التركية حيث يقيم أحد إخوته، كان حليق الذقن بغير عادته، كما شوهد أيضاً في أنطاكيا دون أن يُعرف السبب، لتظهر التكهنات حول طرده من التنظيم أو تركه له أو قيامه بعمل لصالحه في تركيا.
اليوم أصبح جمعة مطارداً من النظام ومن كتائب الثوار في ريف اللاذقية، خسر كل شيء حتى أنه أصبح لا يجرؤ على الذهاب الى الأراضي التي شارك بتحريرها بريف اللاذقية، خسر أيضاً سمعته وحديث الناس عن شجاعته في ريف اللاذقية، الحديث الذي تم استبداله بحديثهم عن خيانته وخداعه لأبناء جلدته ومدينته، وخيانته لدم صديقه أبو بصير اللاذقاني ومبايعة قاتله، فما فعله جمعة أعاد الى أذهانهم ما فعله سابقاً خلال عمله بالتمديدات الصحية وخيانة أصحاب الشقق التي يعمل بها وسرقتها ليلاً، لكنه هذه المرة سرق رفاقه في كتائب الثوار بالحيلة نهاراً.
التعليقات متوقفه