بدائل سيئة لنظام أسوأ – رامي سويد

تمكنت قوات الثوار من السيطرة على مساحات واسعة من سوريا مع مطلع العام الماضي، إذ سيطرت حينها على شرق سوريا بالكامل باستثناء منطقة الغالبية الكردية في الجزيرة السورية، كما بسطت سيطرتها على أكثر من تسعين بالمئة من ريف حلب بالإضافة لسيطرتها على ثلثي مساحة المدينة، كل ذلك بالإضافة إلى سيطرة قوات الثوار على معظم ريف إدلب وعلى مساحات لا يُستهان بها في ريف حماة الشمالي وريف اللاذقية وريف حمص الشمالي وأجزاء من مدينة حمص وغوطتي دمشق ومنطقة القلمون ومناطق واسعة في درعا والقنيطرة.

خلال أشهر قليلة بعد تلك المرحلة التي تمتعت بها قوات الثوار بزخم عالٍ جداً بدأت المشكلات والصدامات والأزمات تطفو على السطح في مناطق سيطرتها، بالتوازي مع ارتفاع معدلات القصف من قبل طيران قوات النظام للمدن والبلدات التي خرجت من سيطرته.

لم تكن مشكلة القصف العشوائي المشكلة الوحيدة التي عانى منها سكان المناطق التي بسطت قوات الثوار سيطرتها عليها، فغياب الأمن وانتشار عمليات الخطف وضعف الخدمات ومشاكل الحصول على التعليم والطبابة ضغطت جميعاً على سكان هذه المناطق.

أما كتائب الثوار فقد عانت هي الأخرى من مشاكل كبيرة في التنظيم والتنسيق انعكست سلباً على المهمة الصعبة التي أنيطت بها والتي تجسدت بإدارة المناطق التي تسيطر عليها، لتظهر بشكل تدريجي صراعات على مستويات مختلفة بين هذه الكتائب أدت في كثير من الأحيان إلى صدامات مسلحة، أضيف إلى ذلك فيما بعد ظهور تنظيم الدولة الإسلامية، الذي باتت قواته تعتدي بشكل مستمر على مقرات كتائب الثوار وحواجزها، لينتهي الأمر إلى صدام شامل بين التنظيم وكتائب الثوار انتهى حتى الآن بسيطرة التنظيم على كامل المناطق الخارجة عن سيطرة قوات النظام في محافظات دير الزور والرقة والحسكة بالإضافة إلى سيطرة التنظيم على مساحات واسعة في ريف حلب الشرقي ومناطق في ريفي مدينة السلمية الواقعة شرق حماة وفي بادية حمص.

بالتوازي مع كل ذلك حاولت مجالس محلية، شكّلها سكان المدن والبلدات الخارجة عن سيطرة النظام، القيام بمهام تقديم الخدمات لسكان هذه المناطق، حيث قامت هذه المجالس بتقديم بعض خدمات النظافة وقامت بإدارة شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي وصيانتها، كما قدمت خدمات إغاثية وساهمت في بعض الأحيان بتنظيم ودعم عمل المؤسسات التعليمية والطبية التي واصلت عملها في مناطق سيطرة كتائب الثوار.

إلا أن عوامل عديدة أدت إلى فشل معظم هذه الجهود، فمن الفساد إلى ضعف التمويل، إلى فوضى المجالس والهيئات التي أدى تعددها ونزاعاتها إفشال أية خطة لإدارة المناطق التي سيطر عليها الثوار.

هذا الفشل ساهم مع غيره من العوامل بتناقص تدريجي ومستمر للحاضنة الشعبية للثورة، فازداد الحنق والغضب بين سكان هذه المناطق على حالة الفوضى العارمة، لينعكس هذا الحنق من السكان على موقفهم من الثوار وكتائبهم وتشكيلاتهم ومجالسهم وليُعمم فيما بعد حنقاً على الثورة ككل.

لم يستطع القائمون على كيانات الثورة العسكرية والمدنية تلافي أي شيء مما ذكر، وتزامن ذلك مع صعود نجم تنظيم الدولة الإسلامية وتمكنه من السيطرة على مناطق واسعة شرق البلاد، وتزامن أيضاً مع قضم النظام المستمر لمناطق سيطرة الثوار وسط وشمال البلاد، حتى بات البعض يحمّل قيادات الثوار، المدنيين والعسكريين، المسؤولية الكاملة عن الفشل في تقديم نموذج أفضل لإدارة المناطق بالمقارنة مع آليات إدارة النظام لمناطق سيطرته.

التعليقات متوقفه