مساعدات الهلال الأحمر: بين الرفض الثوري والقبول الشعبي – فريق الغربال

مساعدات الهلال الأحمر

بين الرفض الثوري والقبول الشعبي

فريق الغربال

 

في شهر شباط/فبراير 2014 تشكلت لجنة في كفرنبل من خمسة موظفين حكوميين بينهم رئيس البلدية من أجل جلب مساعدات غذائية من فرع الهلال الأحمر في إدلب، إلى البلدة.

hilal-syria

المجلس المحلي في كفرنبل ولواء فرسان الحق رفضا تلك المساعدات، بحجة أنها “مقدمة من النظام عن طريق الهلال الأحمر لإعادة تأهيل النظام، وكدعاية انتخابية لبشار الأسد”. كما أن بعض المتظاهرين هتفوا ضدها في إحدى الجمع (في الثامن والعشرين من شباط/فبراير 2014) مرددين: “ما بدنا كراتين ورز.. بدنا الشعب يعيش بعز”، واصفين هذه المساعدات بأنها “ممزوجة بالدم”.

أمام هذا الضغط، تراجعت اللجنة عما كانت تنوي القيام به، ولم تصل تلك المساعدات إلى كفرنبل، ما أثار جدلاً في هذه المدينة، خاصة وأن كثيراً من المناطق المحررة قبلت تلك المساعدات!

أحد أعضاء اللجنة، فضل عدم ذكر اسمه، يقول: (كنا نود جلب تلك المساعدات لسكان بلدتنا من منطلق إنساني، ولسنا أصحاب دعاية لأحد). هذا العضو أشار إلى أن عدد السلل الغذائية التي خصصها الهلال لكفرنبل هو 800 سلة قابلة للزيادة إلى 2000، وأن الهلال لم يطلب من اللجنة أية تنازلات من سكان المدينة لمصلحة النظام، وإنما اقتصرت طلباته على إحصائية حديثة للمحتاجين. ولفت هذا العضو إلى أن لجنته كانت ستوزّع الحصص على المحتاجين، مراعية العدالة، بغض النظر عن أي توجه سياسي (مؤيد للنظام أم للثورة).

من الإنترنت - معدات لإصلاح شبكات الكهرباء والماء في أرياف إدلب برعاية الهلال الأحمر

الهلال الأحمر هو منظمة دولية غير حكومية مستقلة، تقدم مجموعة من الخدمات الإنسانية تشمل برامج الصحة، والرعاية الاجتماعية، وأعمال الإغاثة في حالات الكوارث. ومن مبادئها الأساسية: عدم التحيّز، والحياد، والاستقلال.

لا يشك الناشط في المجال الإغاثي حمزة الهزاع في ذلك، ولكنه (على قناعة تامة بأن فرع هذه المؤسسة في إدلب مخترق من قبل النظام، أو على الأقل يلعب محافظ النظام ورؤساء الأفرع الأمنية دوراً كبيراً في توجيهه). ينظر الهزاع إلى كفرنبل على أنها (بوصلة الثورة، وضمير الثورة، وأن النظام يسعى إلى تطويع هذه المدينة بأي شكل، ومنها تقديم مساعدات غذائية تظهره على أنه الأب الحنون أمام الصامتين والمؤيدين، بل أمام العالم كله).

أشار الهزاع إلى سبب آخر جعل النظام يسمح بوصول هذه المساعدات إلى المناطق المحررة، وهو منع الأمم المتحدة من فتح ممرات إنسانية في هذه المناطق. والهزاع يعتقد أن النظام تصله مساعدات من الهلال الأحمر منذ الأشهر الأولى من الثورة، ولكنه لم يكن يسمح بإيصالها، غير أن الضغط الدولي عبر جنيف2 أجبره على ذلك، فأراد أن يغتنم الفرصة ويظهر على أنه نظام شرعي متعاون مع الأمم المتحدة!

البديل الذي يطرحه الهزاع هو الرفض القاطع لهذه المساعدات، ودعوة الأمم المتحدة لفتح ممرات إنسانية، أو على الأقل دعوة الهلال الأحمر للعمل في المناطق المحررة.

الأمر الذي يروق للرئيس السابق للمجلس المحلي في كفرنبل، عدنان القاسم، الذي يعتقد أن النظام يهدف من ذلك إلى (تصوير الوضع أمام العالم على أن الثورة السورية هي ثورة جياع، وأنه لا وجود لمناطق محررة خارجة عن سيطرته).

لكن شادية، وهي طالبة حقوق في جامعة حلب، ترى عكس ذلك ذلك، وتقول: (علينا أن نقبل المساعدات من أي جهة كانت.. أنهكتنا الحرب.. الهلال الأحمر يريد أن يساعدنا على العيش). شادية تعتقد أن المجلس المحلي ولواء فرسان الحق وبعض الثوار رفضوا تلك المساعدات لأنها لم تأتِ عن طريقهم، وتصفهم بالمستبدين، متساءلة: (لماذا قُبِلت تلك المساعدات في المناطق المحررة من حلب ومخيم اليرموك وبعض القرى، كقريتي المزرا والشيخ مصطفى؟ هل هؤلاء أقل ثورية منا؟).

من الإنترنت - مساعدات الهلال الأحمر إلى مخيمات النزوح

توافق أم محمود، وهي أم لأربعة أطفال، على ما قالته شادية، وتقول: (أنا أقبل بالمساعدات من أي جهة كانت.. حتى لو كانت من النظام.. ولكني سأظل كارهة لبشار الأسد ولن أنتخبه). أم محمود تدعو الثوار إلى قبول هذه المساعدات، (لأنها من حق الشعب، وليست من حق النظام).

تحدثت أم محمود عن الفقر الشديد الذي بات السمة الأساسية لحياة أسرتها بعد أن انشق زوجها عن شرطة النظام، منذ ما يقارب العامين، بالرغم من وصول بعض المساعدات من حين لآخر من المجلس المحلي في كفرنبل، ومنظمة اتحاد المكاتب الثورية، وجمعية الهدى الخيرية، وهيئة شام الإسلامية. لكنها (قليلة جداً ولا تكفي)، على حد تعبيرها، وتعتقد أنه (لو كان الرافضون للمساعدات يمرون بما تمر به أسرتها لما رفضوها)!

الناشط الإعلامي رامي السويد يعتقد أن الهلال الأحمر غير منحاز للنظام، وإن بدا كذلك، وإنما يضطر أحياناً لمسايرة النظام من أجل تحقيق رسالته. السويد يستشهد بما يقوم به فرع الهلال الأحمر في محافظة حلب من مساعدة للمحتاجين في المناطق المحررة، والتوسط بين الثوار والنظام من أجل إصلاح شبكات الصرف الصحي والكهرباء والماء في تلك المناطق.

الجدير بالذكر أن كثير من المناطق تسلّمت المساعدات التي أرسلها الهلال الأحمر ومازالت على تواصل معه حتى الآن، ولعل أهمها معرة النعمان التي أرسل إليها الهلال الأحمر قافلة مساعدات من ألفي سلة غذائية في آذار الماضي، وسراقب التي تسلّمت حتى الآن أكثر من أربعة آلاف سلة ومازالت حتى الآن تتلقى مساعدات من المنظمة، والأمر نفسه في سرمين وبنش وتفتناز وغيرها!

من الإنترنت - الهلال الأحمر يصلح خطوط المياه في دير الزور

التعليقات متوقفه