ايبلا – مملكة سورية تواجه الموت – جمعية حماية الآثار السورية

ايبلا

مملكة سورية تواجه الموت

جمعية حماية الآثار السورية

$R1XSXF9

تل مرديخ الاسم الحديث لمملكة ايبلا القديمة، التي تقع بالقرب من مدينة سراقب، ونحو 60 كم إلى الجنوب–الغرب من مدينة حلب، تقدم مثالاً نموذجياً من دولة المدينة. ألقت الضوء على مرحلة مهمة من تاريخ سوريا خلال الألف الثالث والألف الثاني قبل الميلاد.

فقد شرعت بعثة من جامعة روما، يرأسها عالم الآثار الإيطالي بالو ماتييه بالتنقيب في تل مرديخ منذ عام 1964، ودلّت نتائج التنقيب على أن ايبلا كانت أهم حاضرة سورية ازدهرت حوالي 2400 قبل الميلاد في شمال غرب سورية, وبسطت نفوذها على المناطق الواقعة بين وادي الفرات شرقاً وساحل المتوسط غرباً.

كانت المدينة التي تمتد على مساحة تقدر بنحو 56 هكتاراً؛ محمية بسور دفاعي قوي وتضم العديد من الأحياء السكنية والإدارية والمعابد بالإضافة إلى القصور الملكية مثل القصر الملكي -G- الذي يعتبر من أقدم القصور المعروفة في سوريا، ومن أهم القصور التي اكتشفت في ايبلا. كان هذا الصرح الذي بني على مساحة تقارب 2500م2 يتألف من طابقين احتوى على العديد من الأجنحة والباحات والصالات، حيث تعتبر قاعة العرش الملكية من أهمها لأنها تشكل مركز القرار الذي كان يدير المدينة.

عثرت البعثة في الجناح الإداري لهذا القصر على أرشيف ملكي ضخم، قدم معلومات هامة جداً عن مختلف جوانب الحياة الاقتصادية والتجارية والدينية والسياسية والمراسلات الدبلوماسية والعلاقات التجارية لمملكة ايبلا مع مختلف المدن والمناطق. فقد كان لها صلات سياسية وتجارية وصلت حتى مصر والأناضول في الشمال، ومدينة ناغار– تل براك في الجزيرة السورية، وماري على الفرات، بالإضافة إلى مدن جنوب بلاد الرافدين مثل مدينة كيش، حيث تذكر النصوص أن أميرها تزوج من إحدى أميرات ايبلا.

DSC_0030

بينت المعلومات التي نشرت عن حالة موقع ايبلا منذ أواخر عام 2011 أن الموقع قد تعرض لأضرار جسيمة، بعضها بسبب العوامل الطبيعية، ولكن القسم الأكبر من التخريب كان بسبب عمليات الحفر غير الشرعي. فقد بيّن الكشف الميداني انهدام بعض الجدران للمباني التي كانت البعثة الايطالية تقوم بترميمها بشكل دوري نتيجة الأمطار وتوقف عمليات الصيانة والترميم خلال السنتين الأخيرتين.

كما تعرضت بعض من المنشآت التابعة للموقع مثل مبنى الاستراحة للتخريب والسرقة من قبل مجهولين.

أما فيما يخص عمليات التخريب من خلال الحفر غير الشرعي فقد تعرض عدة قطاعات من التل للتخريب حيث تم ملاحظة حفر ذات أبعاد وأعماق مختلفة في المناطق التالية:

– الأكروبول: انتشرت عدد من الحفر العشوائية أمام الدرج البازلتي في الساحة، وبالقرب من غرفة الأرشيف بالإضافة إلى قطاعات أخرى من: القصر الملكي- G-  وملحقاته, وأجزاء من المعبد –D- من القصر–E-  بالإضافة إلى وجود بعض الأنفاق الصغيرة في عدة مناطق من الأكروبول، حيث شوهد بالقرب من إحداها بقايا عظام بشرية وكسر فخار، مما يدل على أن اللصوص قاموا بتخريب سويات أثرية وبالتالي ضياع معلومات مهمة كان من شأنها أن تساعد البعثة الأثرية على دراسة وفهم أهمية ايبلا بشكل أفضل.

– كما تم ملاحظة عدد من الحفر (ولكن بشكل أقل مما عليه الحال في قمة الاكربول) في المعبد –B2-وأقسام من القصر -Q- والقصر الشمالي –P- والمعبد -HH- بالإضافة إلى حفر بعض الآبار التي اكتشفتها البعثة الأثرية خلال الأعوام السابقة.

DSC_0058

– أما التخريب الاكثر خطورة فقد تمثل بالحفريات التي قامت بها أحد ألوية الجيش الحر في المنطقة القريبة من البوابة الجنوبية الغربية التي تسمى باب دمشق، فقد بيّن الكشف الميداني وجود عدد من الحفر الكبيرة والعميقة التي تمّ حفرها بواسطة البلدوز من أجل تدريب العناصر على اللياقة البدنية حيث تجاوز عمق إحدى الحفر 2 متر وبطول نحو 5 أمتار مخترقة طبقات أثرية كاملة، كما لوحط وجود خندق بعمق تقريبا 1 متر وبطول نحو 10 أمتار. كما قام اللواء بتحويل بعض الجدران إلى حقل رمي حيث اخترق الرصاص جدران تم استعمالها كنقاط للرمي، بالإضافة إلى أن عدداً من الأنفاق تم حفرها في منطقة الأكربول ليس بقصد البحث عن الآثار, إنما بقصد تدريب العناصر على اللياقة البدانية.

خلال زياتنا الميدانية للموقع, أكد أحد الأشخاص المتواجدين على التل الأثري، أن عمليات الحفر توقّفت تماماً, وذلك بفضل المجلس المحلي وجهود أبناء قرية تل مرديخ، التي ساهمت في الحد بشكل كبير من عمليات التنقيب والتخريب والسرقة، لكن هذه الجهود لم تحد تماماً من الحفر والعبث وتخريب السويات الأثرية في الموقع؛ لأنه خلال تجولنا في الموقع لاحظنا وجود عدد من الزنابيل التي تعود للبعثة الأثرية في إحدى الحفر وتربة طرية تمّ حفرها حديثاً, مما يدل على تجدد عمليات الحفر من وقت لأخر.

1396479_10151765338808602_1866669516_n

نتوجه باسم جمعية حماية الآثار السورية إلى أهالي القرية والمجلس المحلي وكافة عناصر الجيش الحر المتواجدين في ايبلا, بضرورة التعاون فيما بينهم وحماية الموقع الأثري الذي هو ملك لكل أبناء القرية وأبناء سوريا. كما نوجه نداء عاجلاً إلى قيادة الجيش الحر بضرورة مخاطبة قيادة لواء “سهام الحق” في تل مرديخ، من أجل التوقّف عن استعمال الموقع الأثري كحقل للتدريب والرمي. إن الاستمرار بهذه التدريبات ضمن الحرم الأثري هو جريمة لأنه يخرّب تراث سورية وتاريخها وآثارها التي تعاني من كوارث تدمير ممنهج يتم بشكل يومي من قبل جيش النظام في العديد من المدن السورية، من خلال القصف والاحتلال وتدمير المواقع والمباني الأثرية.

التعليقات متوقفه