أين الملاذ إذا؟ – حسن الشرتح

أين الملاذ إذا؟

حسن الشرتح

 Print

أين أنت الآن؟ أين سيفك المشرع كي يطال الأبرياء؟ أين دستور الممانعة؟ أين قانون المقاومة؟ أين مفردات التقية؟ عمن تدافع ولمن تقاتل؟ هل علمت لماذا أصبحت إبليس العالم؟ ولماذا أنت ملاحق؟ نعم، لقد قتلت من نصَّبت نفسك للدفاع عنهم، قتلت رعية خنتها ودمرت بلداً حكمته، فمن تستصرخ وبمن تستجير؟ وأين الملاذ هل سألت نفسك يوماً؟

أطرق قليلاً واستمع              ماذا يقول لك الضمير

إن كان فيك قليله               لا شك عندك يستجير

ماذا فعلت لكي ترى                     طبل ببابك للنفير

أين الملاذ فقد دنا               سيف القصاص المستطير

فاختر لنفسك ميتة               فلقد مضى زمن الحرير

أين الملاذ إذا ادلهمَّت الخطوب وكشفت العيوب واستحال الهروب؟ أين الملاذ إذا لم تُبقِ في وطني مكاناً تلوذ به حتى قلوب الأطفال؟ أين الملاذ وقد استجار من حقدك وجبروتك وغيِّك البر والبحر والشجر والحجر والبشر والماء والهواء؟ أين الملاذ وقد قطّعت كل حبالك مع التاريخ والجغرافيا والانسانية والأخلاق حتى أصبحت بكل المقاييس السماوية والأرضية إبليس العالم وشيطان العصر وعدو الفطرة البشرية التي ترقى بالبشر عن كل أفعالك الوحشية والتي سبقت بها الأولين والآخرين والإنس والجن؟ أين الملاذ إذا كانت كل نساء العالم وأطفاله وشيوخه يضعون أيديهم على قلوبهم وكلهم أملاً أن يروك صاغراً ذليلاً وأن يكحلوا عيونهم بكفنك ونعشك ليتنفسوا بعدها الصعداء انتصاراً للإنسانية ولعودة الهيبة للعدالة السماوية والأرضية؟ أين الملاذ إذا قَطعتَ أيدٍ امتدت لك بالتحية وأبكيت عيوناً ابتسمت لك ببراءة ودمرت بيوتاً سلموا عليك من شرفاتها وهدمت مساجداً دعوا لك في جنباتها؟ أين الملاذ إذا خانك الصديق وشاح عنك الرفيق؟

قل لي بعيشك من تكون؟ ومن أين أنت؟ وما أصلك؟ هل أنت من وطني؟ من ثديٍ رضعت؟ وفي أي رحمٍ حُمِلت؟ ومن أي سنبلة أكلت؟ ومن أي ماء شربت؟ ومن أي هواء تنفست؟ وكيف ربيت من حولك؟ وأي قلب في صدرك؟ وعلى أي دينٍ تربيت؟ وأي فكر صقل عقلك؟ هل أنت من البشر؟

خمسون عاماً وأنت تأكل اللحم وتذيب الشحم؟ والآن، ثلاثين شهراً وأنت تدقّ العظم في وطن أعطاك أفضل ما عنده وشعب احتواك وأعطاك قلبه مرغماً أو راضياً رغم علمه بك؟ فهل يستحق منك كل هذا؟

تذكر في بلاد الشام طفلاً                يقاسي منك ما فعلت يداكَ

فأين تلوذ في يومٍ عصيبٍ               إذا ما طفل درعا قد يراكَ

هدمت منازلاً وقتلت أهلاً                        وهذا كان يفعله أباك

وأخيراً: هل من أحرق وطناً يستحق حتى أن يُدفَن فيه؟ ومن هدم وطناً فهل يجد بين ركامه ما يحتضنه عند الشدائد؟ فهمْ على وجهك حيث شئت، وفتش في الأزقة والبيوت ما استطعت، فحيثما تجد أوطاناً عامرة وشعوباً متآلفة فاعلم أن أمثالك لم يمروا من هناك!

التعليقات متوقفه