لغة الدجاج والاحتفاظ بحق الرد في “الوقت المناسب!!” – أحمد كالو
لغة الدجاج والاحتفاظ بحق الرد في “الوقت المناسب!!”
أحمد كالو – خاص الغربال
اخترعت الأمم القوية الخمس، لضمان حقها أو ما فوق حقها السياسي، قبّة حديدية اسمها حق الفيتو لتعطيل كل ما لا يعجبها من اجماعات دولية، فالعصمة يجب أن تظل في أيديها.. أما سوريا المقاومة والممانعة (يعني: الشاجبة والمنددة) فقد اخترعت أشياء كثيرة قد نعرض لها لاحقاً، أهمها؛ هذه الوسيلة البارعة للهرب من واجبها، كلما انتهكت إسرائيل حرمة سمائها وقصفت مداجنها (يبدو أن إسرائيل لا تقوى إلا على الدجاج فالدجاج سلاح سوريا الاستراتيجي!) وأسمته على اسم أبيه وجده وهو: الاحتفاظ بحق الرد “في الوقت المناسب”. ويقابله من جهة ثانية حق إسرائيل في الاحتفاظ بحق الضرب في الوقت الذي تريد. ينبري محللون من عظام الرقبة ودهن الأرداف ليعتذروا بضرورة سلوك الإتيكيت السياسي أمام إسرائيل المتحضرة وذلك بإبلاغ الأمم المتحدة بالانتهاكات “الصارخة” والشكوى إلى المنظمات الدولية، وتذكير إسرائيل المصابة بالنسيان بأن ما تفعله خرق للعذرية الدولية وشرعة الأمم المنفصلة والمتحدة. أما في الداخل السوري من جهة ثالثة -وتلك مفارقة كبرى- فكان النظام السوري غضوباً غيوراً من كل همسة أو طرفة أو احتجاج من أي واحد من رعيتها حتى لو كان من القوارير مثل طل الملوحي، أو من الأطفال مثل حمزة الخطيب، بذريعة الحفاظ على هيبة الدولة، أو خوفاً من توهين روح الأمة المصنوعة من خيوط العنكبوت.
وحق الرد يذكرني بطرفة شهيرة عن رجل دخل فوجد زوجته تغتصب، من قبل نيران غير صديقة، فوجئ المغتصِب وقال معتذراً: كاميرا خفية، فضحك الرجل وضرب على جبهته.. فبعض الظن إثم، أما الرواية الثانية للطرفة فتقول إنه هدد المغتصِب بحق الرد في الوقت المناسب، أي بعد أن يقضي الرجل وطره من زوجته، وفي الرواية الثالثة للطرفة أنه سامحه في هذه المرة على أنه في المرة القادمة سيرد في الوقت غير المناسب أي فوراً كما يفعل “الصائل”، وفي الرواية الرابعة أنه توضأ وصلى ركعتين استخارة في كيفية الرد ثم اكتفى بالدعاء على المغتصِب. المسألة في الاحتفاظ بحق الرد هي مسألة احتيال على الزمن، وخداع له، لكن الزمن لا يُخدَع، فالوقت كالسيف، حتى إن حبس في غمد مرصود، لكن الوقت في سوريا المقاومة والممانعة كان من بسكويت أو من شوكولاته، فأي حرب مع إسرائيل الشقيقة قد تنغص على المقاومين الكفاح مع الغواني الملاح.
من التاريخ: دخل شبيب بن زيد الخارجي الكوفة سحراً ومعه غزالة زوجته وستون فارساً والحجاج بها في قصره مختفياً منه، فحلفت غزالة على شبيب ليدخلن المسجد الجامع وليصلين في مقام الحجاج ففعل ثم خرج منها وهو ينشد :
أسد عليّ وفي الحروب نعامة حمقاء تجفل من صفير الصافر
تقول الأمثال: البكاء على رأس الميت، وكل شيء بوقته حلو. إذا قلبنا وجه عملة “الوقت المناسب” سنجد على الوجه الآخر، بلغة الدجاج، عبارة: إلى الأبد.
التعليقات متوقفه