الشعب السوري … هل سيكون واحداً!!

الشعب السوري.. هل سيكون واحداً!!..

خطيب بدلة

خطيب بدلة- خاص الغربال

تبدو العبارة القائلة بأن الشعب السوري ليس واحداً، وكأنها بدهية مؤلمة، أردنا، نحن الثوار، أن نثبت أنها باطلة، فكنا، نصيح، حتى تبح أصواتُنا: واحد واحد واحد.. الشعب السوري واحد!!..

المحللون الاستراتيجيون الثوريون ما فتئوا يجلسون في قراني استديوهات القنوات الفضائية ويقولون، بل يصرخون، فيوشكون أن ينفتقوا.. (حاشاكم) بأن الشعب السوري واحد!!..

جماعة النظام، بفئاتهم المختلفة (الشبيحة والنبيحة والمنحبكجية والمنركعجية والمنلحسجية) هم الآخرون، يزعقون، (وينفتقون أيضاً)، مرددين العبارة نفسها، مفترضين أن الثوار إنما خرجوا، بأجنداتهم الاستعمارية- الصهيونية- الحَمَدية- العرعورية.. ليزعزعوا هذه الوحدة الوطنية، وليمنعوا الشعب السوري من أن يكون واحداً.

الشعب السوري الآن، بعد مئة ألف قتيل، وعشرات الألوف من المباني المهدمة، وبضعة ملايين لاجىء.. للأسف: ليس واحداً..

المشكلة أن الثوار الذين خرجوا لإسقاط النظام الفاسد، أصروا على وحدة الشعب، لأنهم كانوا مستعجلين، وكانوا يعتقدون بأن ثورتهم ستكون مثل المنام الجميل: شوية مظاهرات، على شوية شهداء، على قرار في مجلس الأمن (من دون فيتو)، وسرعان ما يضب بشار الأسد وجماعته (قراقيعهم) ويذهبون إلى حيث ذهب زين العابدين بن علي وجماعتُه، وحسني مبارك وجماعتُه، وعلي عبد الله صالح الذي ذهب به حمارُ أم عمرو، فما رجع هو، ولا رجع الحمار الغالي..

الشعب السوري واحد في مخيلتنا، وفي وجداننا، وفي أحلامنا، ورغباتنا، وطموحاتنا.. نعم.. ولكن حافظ الأسد- يا شباب- لم يكن يلعب.. وإلا فما معنى أن تمتد يدُه الكريهة إلى الجيش السوري، ويعين الموالين له قادة للفرق والألوية والكتائب والوحدات، (ويبعث بالباقين إلى الأعمال الإدارية والتوجيه الجامعي) ويفتح لعساكره مدارس للتوجيه السياسي، تلقنهم، آناء الليل وأطراف النهار، أن العدو (الشعب) متربص بكم، فاقمعوه، واقتلوه حيثما ثقفتموه؟..

ما معنى أن يفتتح ذلكم الأسدُ عشرات الشُعب والأفرع والمفارز المخابراتية الأخطبوطية التي يقودها الموالون له، وألا يكون لها هَم، أو عمل، أو نشاط، غير التفريق بين فئات الشعب، ورفع الوضيع، وإهانة العزيز، وضرب القوى والأحزاب والتيارات السياسية، وإجبار الناس على الالتجاء إلى عشائرهم وطوائفهم ومذاهبهم وعائلاتهم الصغيرة وقراهم وحاراتهم، متخلين عن طموحاتهم الوطنية التي تجعل منهم شعباً واحداً؟

ما الذي كان يقصده ذلكم المفترس من تطبيق مبدأ (علونة الإعلام) غير توسيع الشرخ والهوة بين الإخوة العلويين من جهة، وبقية أبناء الشعب السوري من جهة أخرى؟

ماذا يعني أن يقود حزبُ البعث الدولة والمجتمع في سورية (وحده، ومن دون مساعدة من أحد)؟

ثم، والآن: هل ينتمي خالد العبود وضرار جمو وعفيف دلا وشريف شحادة وبسام أبو عبد الله إلى الشعب السوري الواحد وهم ما زالوا يصرخون (وينفتقون) زاعمين أن الشعب السوري المطالب بالحرية على ضلال، وأن المجازر التي يرتكبها النظام بحق المدنيين إنما هي عمل وطني جليل؟

هل ينتمي الطيار الذي يُسقط البراميل فوق رؤوس المدنيين السوريين، ورامي الدبابة، ومُطلق السكود.. إلى الشعب السوري الواحد؟

والجهات الثورية.. التي تصرح بأنها ستصادر الثورة وتستولي على الحكم بعد سقوط الأسد بمفردها!!!.. هل هي من جماعة (الشعب السوري الواحد)؟

لن أمعن في ذكر الأمثلة.. يمكنكم، يا الغوالي، أن تضيفوا عشرات الأسماء والفئات والتكتلات التي لا تريد للشعب السوري أن يكون واحداً.

بل إنها تريد أن تحول دون هذه الوحدة، بكل ما أوتيت من بأس!

ولكنني أقول: سنبذل كل ما نمتلك من جهد، وشرف، وحب لسوريا العظيمة، أن نعيد الشعب السوري إلى حيث كان قبل حقبة الاستبداد.. ليصبح شعار (الشعب السوري واحد) رافعة للبناء والتنمية والإقلاع باتجاه المستقبل.

التعليقات متوقفه