أنا والدراسة في ظل الثورة – يُمنى محمد خطيب
“خريجة: حروب، فرع: انبطاح عند سماع الأصوات، اختصاص: بكاء”، هكذا عرّفت بنفسها الشابة الصغيرة: يُمنى، ولأن الغربال للجميع، الصغير قبل الكبير، والمبتدئ قبل المحترف؛ أفسحنا لها المجال هنا لتحدثنا عن دراستها بأسلوبها الظريف…
أنا والدراسة في ظل الثورة
يمنى محمد خطيب
هنا أدرس ولا أحد يعلم كيف تتم دراستي، ففي العلوم: تعلّمتُ أن أغلّب حركاتي اللاإرادية، فالمخيخ والبصلة السيسائية يقودانني لحركات جنونية، للركض بسرعة عند سماع صوت الطائرة الحربية، فسرعتها كبيرة وانفجاراتها قوية، وتسبب لقلبي نوبات فوضوية.
أما عند رؤية الطائرة المروحية، وبراميلها التي تسبب دمار البنية التحتية والجانبية والفوقية، فإنّ اصفرار وجهي مرحلة رئيسية، وارتجافات قدميَّ رقصة هندية، ودموع عيني شلالات سخية.
الأدرينالين فائضٌ عن حده لدي، ولن ألوم الغدة الكظرية، ولا حتى الدرقية، فالمستقبلات السمعية تتنبه عندي حتى لو كانت الطائرة بعيدة عليّ، وتجري بسرعة السيالة العصبية، تضلّ طريقها ولا تذهب إلى القشرة الدماغية، بل تنحرف إلى مركز الأفعال اللاإرادية، فلا أستطيع السيطرة على قدميّ، وتضطرني للذهاب إلى الملجأ حافية.
ولكن النهايات العصبية والمستقبلات الحسية، تنام فجأةً فلا أشعر بوخز الأشواك لقدميَّ، وأي سخونة للتربة حتى لو كانت بركانية، بل أسير مسرعة حالمة بالوصول إلى الملجأ الذي أراه حينها جنة علية، وكلي خشية إن لم أمت بشظية، أن أموت بسكتة قلبية.
أما في الرياضيات فتعلمت حساب المسافات، فعند سماع الطائرة الحربية يجب أن أقطع عشرين متراً بعشر خطوات. ومن الاحتمالات: أي حارة ستقصف اليوم إحدى الطائرات، وما احتمال ظهور المروحيات، وإذا علمت أن القذيفة نزلت فما احتمال عدد الوفيات، طبعاً… إن كنتَ لم تزل على قيد الحياة.
ومن التربية الإسلامية: كل نفس ذائقة الموت… كلام عظيم يجبرني على السكوت، والشهداء في مراتب علية، في جنة الخلد أرواحهم حية، ورغم الحديث عن الجنان والنعيم، تبقى نفسي تخاف الردى، ومع أن حياتي صارت جحيم، خوفي من الموت مفتوح المدى، ولا أريد أن أرى بين أهلي سقيم، وأن يُجار الناس من شر العدى.
فبأي مدرسة سأدرس ولأي كلية سأنتسب، وتدمى عيوني لمصير الفشل…؟
التعليقات متوقفه