قصة فولكلورية – خطيب بدلة – خاص الغربال

قصة فولكلورية

خطيب بدلة

خطيب بدلة- خاص الغربال

حُكِمَتْ سورية.. منذ استيلاء الجنرال حافظ الأسد على السلطة يوم (16/11/1970) وحتى يومنا هذا، من خلال تحالف قوتين جبارتين هما: قوةُ الأجهزة الأمنية التابعة لمجموعة الأسر الحاكمة، وقوة الإعلام.. فالأجهزةُ الأمنية تُرَاقِبُ، وتتنصت، وتَعْتَقِلُ، وتَسْجُنُ إلى آجال غير مسماة، وتُطَارِدُ، وتُشَرِّد، وتُصَفِّي، وتَقْتُل، وتُمَثِّلُ بجثث المواطنين السوريين المعترضين على هذا النهج،.. والأجهزةُ الإعلاميةُ تختلقُ الأكاذيب التي تموه الحقائق، وتَخترعُ و(تُفَبْرِكُ) أكاذيبَ موازيةً لها، وتحاولُ، من خلال هذه الأكاذيب، إيهامَ الرأي العام، في الداخل والخارج، بأن (النظام) بريء مما حصل، وأن ثمة قوى وَ.. جِهَات أخرى تقصدتْ ارتكابَ تلك الأفعال، تنفيذاً لمؤامرات و(أجندات) استعمارية خارجية، ورجعية داخلية مرتبطة بالخارج، لكي تسي للشعب، والقيادة الحكيمة في آن معاً!

ومع أن هذا النظام يقوم على تراتُبية أسروية، طائفية، عصابَوية، مافيوية، فقد كان يسجنُ مُعارضيه الديمقراطيين المتخلصين من هذه العقد الوضيعة، بالتهمة نفسها، وهي: التحريض على إثارة النعرات المذهبية، و(التفكير) بقلب نظام الحكم القومي، الاشتراكي، المناضل!!!

ذات يوم، وضمن هذا السياق.. ارتأى متنفذٌ أمنيٌّ كبير (وحقير) أن يلقي أحدَ المعارضين الوطنيين السوريين في غياهب سجون أمن الدولة، فطلب من صحافية لبنانية كانت تربطه بها علاقة (غير شرعية) أن توجه إليه تهمةً خطيرة تُذهبُه في خبر كان، فقالت له: (أنت تأمر حبيبي)!! وسارعت إلى نشر مقالة، في إحدى الصحف السورية، ذكرت فيها أن هذا المعارض الحقير، التقى، في قبرص، (وحددت التاريخ بدقة) مع أحد قياديي الرابع عشر من آذار.. وقبض منه نقوداً، لقاء تآمرهما معاً على النظام السوري المُمَانِع!

press_freedom_1099775

وعلى الفور، ذهبت قافلةٌ من السيارات الأمنية لمداهمة بيته، فلم يجدوه، وأخبرتهم زوجته، بكل برود: إنه معتقل، بأمر من متنفذ أمني (حقير) آخر، منذ شهرين، بتهمة أنه كان، في نفس التاريخ، مجتمعاً مع مجموعة من الجواسيس الصهاينة، في فرنسا، وليس في قبرص!!

المعارض المذكور كان رومانسياً، حالماً، أكثر مما ينبغي، إذ سرعان ما طلب من المحامي العام الأول بدمشق السماح له برفع دعوى (كذب وافتراء) على الصحفية التي صَدَّرَت الأكذوبة، ودليله إلى ذلك أن التاريخ الذي حددته تلك (الشـ…) للقائه مع القيادي المذكور، كان مقيماً فيه هنا، في غيهب السجن.

كانت معالجة المسألة، من قبل المتنفذ الأمني الكبير (عشيق الصحفية)، أكثر غرابة من المسألة نفسها، وذلك بأن أوعز إلى من يهمه الأمر، بتمديد سجنه، إلى أن يتخلى عن فكرة إقامة الدعوى على (صاحبته) الكذابة!. وكلما أخلي سبيله، كان يستلم أدواته الشخصية، ويهم بمغادرة السجن، فيسأله مدير السجن:

– أما زلتَ مصراً على رفع دعوى على الصحافية فلانة؟

فيقول: طبعاً.

فيقول له: ارجع لجوه!

(ملاحظة: بما أننا سننتهي من هذا النظام المجرم.. فإن هذه القصة لن يكون لها مثيل في المستقبل.. فهي.. قصة فولكلورية).

التعليقات متوقفه