العروس الانتخابية السورية: أحمد كالو

العروس الانتخابية السورية

أحمد كالو

 0123

لكل شيء وجهان، فلا يغرّ بطيب العيش إنسان. القرش؛ طير أو نقش. الكساء لباساً وريشاً، أو للإثارة الجنسية التي يغار منها العري الصافي (البكني: يثير البكاء من شدة الاثارة). السكين لانتزاع الروح البشرية أو… الحيوانية. التلفزيون يمكن أن يكون لنشر الخير والحرية، أو خندقاً للمقاومة والممانعة… حتى آيات القرآن الكريم يمكن أن تزاح أو أن تؤوّل –بالشيطان أو بحق الفيتو- إلى غير غاياتها.

كان الصندوق الانتخابي في سوريا إبان حقبة حافظ لاكو تابوتاً لإرادة الشعب السوري، وكان الإعلام السوري البعثي يطلق على كل استفتاء اسماً “فنياً” حركياً مستجلباً من المجال الجنسي أو التناسلي هو “العرس الانتخابي”، ولقباً سياسياً هو “الديمقراطية الشعبية”، أما النسبة التي يفوز بها الرئيس على خياله، فهي نسبة لا يفوز بها الله -عز وجل- كما تفكّه المرحوم ياسر عرفات مرة.

ارتفعت بعد سنة ونصف من الثورة السورية دعوات مفرطة الكرم تطالب المعارضة بالاحتكام إلى صناديق الاقتراع، التي كانت قبل الثورة كفراً، فالشعب غير جاهز إلا لحفلات علي الديك ومسلسلات الفانتازيا التاريخية. لكل شعب خصوصيته، وخصوصية الشعب السوري كانت: ممنوع اللمس والهمس.. أقصى ما كان يمكن أن يلوح في الأفق البعيد هو انتخابات ديمقراطية محلية في 1920! تبدو الدعوة المفرطة الكرم في ظاهرها ديمقراطية، وعادلة، لكن دماء كثيرة جرت ونمت على ضفاف أنهارها أشجار وآمال. والديمقراطية قطار لا يمكن أن يسير على سكة من العيدان، فمن الصعب تخيل استيراد صناديق انتخابية، شفافة، إلى سوريا في هذه “المرحلة الحرجة” من تاريخنا. فإيران وروسيا، البلدان الصديقتان للنظام المحاور، معروفتان بصناعة راسخة لمعامل صناديق “بروكست” قاطع الطريق اليوناني الذي كان يكرم ضحاياه بالدفن في توابيت “يونيوفروم”. حتّى لو تعهدت الأمم المتحدة حماية العروس من الاغتصاب بالقبعات الزرقاء.. فهنالك وسائل ذكية وماكرة للاحتيال على الأصوات ما دام بشارلاكو يستحوذ على السلطة العمومية.

كان الإعلامي فيصل قاسم يكرّر في حلقات الاتجاه المعاكس طرفة غير مناسبة للحال السوري، وهي أنّ سوريّاً خاف فعاد إلى لجنة الانتخابات ليصحّح تصويته من “لا” إلى “نعم” فقالت له اللجنة المزوِّرة: صححناها. التزوير السوري في حقبة حافظ لاكو لم يكن لصناديق الخشب الانتخابية، وإنما للنفوس والرؤوس. فالمصوّت السوري الأخرس كان يتعرّض الى امتحان الاستفتاء ليجدد صك عبوديته.

هل يمكن، بعد أن باتت الأنهار السورية تنبع من شرايين السوريين وليس من الهضاب، أن يقف السوري أمام الصندوق الانتخابي مرة أخرى، رابط الجأش والنهى، وأن يدلي بصوته ويدخل “بعروسه الانتخابية”.

وكان قد انتشر في عهد بشارلاكو موضة اسمها الانتخاب بالدم: لايكفي أن تقول نعم، بل الأفضل أن تقوله بالدم؛ أن تجرح أصبعك أيها المقترع بالسكين أو الدبوس تعويضاً عن عذرية العروس المفقودة. فتنال مثل التيس المستعار مكافأة تافهة مثل فطيرة أو هرباً من يوم من أيام العمل. بينما يأخذ المُغتصِب سوريا الحسناء الى “مخدع” القصر الجمهوري ليبدأ… الجهاد.

التعليقات متوقفه