أنا وكفرنبل… خبز وملح ومخابرات

أنا وكفرنبل… خبز وملح ومخابرات

خطب بدلة

خطيب بدلة – خاص الغربال

 

اتصل بي شاب من كفرنبل (كفرنبيلي)، وطلب مني الكتابة للمجلة (الكفرنبيلية) الجديدة (الغربال)، فلبيت الدعوة بحماس بلغ حدود كتابة المقالة وإرسالها في اليوم نفسه. فعلتُ ذلك، في الحقيقة، لأسباب عديدة، منها أن الروائي المتميز عبد العزيز الموسى (الشيكر) صديقي، وبيني وبينه -مثلما يقولون في الكلام الدارج- (خبز وملح ومخابرات)!!

فعبد العزيز الشيكر، والمرحوم تاج الدين الموسى، وعبد القادر عبد اللي، ومحسوبكم، وقّعنا على بيان (إحياء المجتمع المدني) أو ما عُرف يومئذ بـ (بيان الألف)،.. وقعنا عليه سنة 2001، حينما كانت الهمهمة، والغمغمة، والطحطحة، في سوريا ممنوعة، فما بالك بالتوقيع على بيان (خطّي) يدين حقبة محروق النَفَس حافظ الأسد، ويدعو إلى إطلاق الحريات العامة، والإفراج عن معتقلي الرأي، وإلغاء محاكم أمن الدولة، وقوانين الطوارىء والأحكام العرفية…!

بعد توقيعنا (التاريخي) على ذلكم البيان (التاريخي)، استنفرت الفروع الأمنية الموجودة في مدينة إدلب، (بما فيها فرع الحزب!)، والمفارز الأمنية الموجودة في الأرياف (بما فيها مفارز الحزب!)، بالتعاون مع الشُّعَب الأمنية الكبرى الموجودة في (الشام) التي خاطبها سعيد عقل بقوله (أمويون فإن ضقتِ بهم- ألحقوا الدنيا ببستان هشام)، للتصدي لنا نحن الأربعة المجرمين، المتواطئين، المناوئين، المنشقين، التحريفيين، المتآمرين، الذين لم نطالب بالحرية (بدكِنْ حريـ يـ يـ ـي؟!)، وحسب، بل أضفنا، بكل وقاحة، وصفاقة، وحقارة، وقلة ذوق، أننا نريد أن يصير عندنا، في سوريا (سوريا الصمود والتصدي): تداولٌ سلمي للسلطة..!

وقتها، اضطر الهدهد الختيار (الرث) عبد الحليم خدام لأن يصعد، بجلالة قدره، إلى مدرج جامعة دمشق، ليقول، ويوضح، لجماهير الطلبة، أن الموقعين على بيان الألف أناس خبيثون، يريدون جزأرة سوريا (أي جعلها تعيش الفوضى، كالجزائر!) ومن ثم تسليمها لقمة سائغة للصهيونية العالمية.. أي والله العظيم، للصهيونية العالمية (خبط لزق)!

بعد كلام عبد الحليم خدام هذا أصبح عبد العزيز الموسى (الشيكر) يذهب إلى إدلب لمراجعة الفروع الأمنية أكثر من سرافيس المعرة! وأما المرحوم تاج فمنزله أقرب ما يكون إلى الفروع الأمنية، يعني كان يذهب- كما يقول أهل الشام- (على الندهة)، أو- كما يقول أهل معرتمصرين- (زَقْط لَقْط)، وأما محسوبكم فلم أستدع لزيارتهم سوى بضع مرات، بعدها صارت الدوريات تذهب، من أجلي، إلى شعبة الحزب في معرتمصرين بمعدل مرتين في الأسبوع، ويسألون أمين الشعبة (وهو ابن عمي)، إن كنت ما أزال مرتداً، متآمراً، مخرباً، فيحلف لهم برحمة محروق النَفَس أنني (تبت وارتجعت إلى الله!)..

وكان أكثرنا حظاً، في هذا المجال، صديقنا عبد القادر عبد اللي الذي كان يُستدعى إلى دمشق، (خبط لزق).. فيذهب، ويدفع كراء السيارات ذهاباً وإياباً من حر ماله، وذات مرة استدعوه، ونقعوه ثلاثة أيام، لأن أحد أصدقائه أرسل له كتباً من مطبوعات وزارة الثقافة السورية، بواسطة الشركة الأهلية!

(أسباب عديدة، أخرى، تجعلني أحب كفرنبل، سأعرضها عليكم في أعداد قادمة من مجلة الغربال الكفرنبيلية).

التعليقات متوقفه