سكان إدلب يلجؤون إلى مصادر بديلة للطاقة – محمد الأسمر
يعيش السوريون منذ أكثر من عامين في ظل انقطاع كامل لموارد الطاقة الرئيسية، وذلك بسبب انعكاس تداعيات الحرب التي تعيشها البلاد على الواقع الخدمي والحياة المدنية في المناطق المحررة. إذ قام النظام السوري بفصل محطات توليد الكهرباء الرئيسية عن إدلب وريفها ما أدى لغياب الكهرباء.
وارتفع سعر المحروقات بشكل كبير بسبب الحظر الذي يفرضه المجتمع الدولي ممثلا بمجلس الأمن على توريد المشتقات النفطية إلى سورية وبسبب سيطرة تنظيم “داعش” والقوات الكردية على منابع وطرق توريد النفط من شرق سوريا باتجاه إدلب، الأمر الذي دفع السوريين للبحث عن حلول بديلة للحصول على الطاقة.
تعددت أساليب الحصول على الطاقة الكهربائية، فاستعان البعض “بالمولدات الكهربائية” التي تعمل على المحروقات، فيما لجأ البعض الآخر إلى الطاقة الشمسية، وفضل آخرون تحويل طاقة الرياح لمصدر رئيسي للكهرباء.
وكان الاعتماد على المولدات الكهربائية التي تعمل على المازوت (الديزل) أو ما يعرف بـ”مولدات الأمبيرات” يعد الأكثر انتشارا في إدلب وريفها بسبب سهولة استعماله من جهة وانخفاض تكلفته من جهة أخرى مقارنة بمصادر الطاقة البديلة.
يقول عمار، وهو أحد العاملين في مشاريع توليد الكهرباء لـ”الغربال” إنه “بدأنا للعمل بهذا القطاع بعد غياب الكهرباء بشكل كامل عن المناطق التي تقع خارج سيطرة النظام وبسبب حاجة الناس الملحة للكهرباء فكانت المولدات الكهربائية هي الحل الأمثل، بسبب توافر مادة المازوت وسهولة تأمينها سابقاً”، ويتابع قائلاً: “لكن تعقد الوضع العسكري انعكس بشكل سلبي على هذه المهنة فقد ارتفع سعر ليتر المازوت من ستين ليرة للتر الواحد في بداية انتشار هذه المشاريع إلى ثلاثمئة ليرة في هذه الأيام، أي بمعدل خمسة أضعاف تقريباً، كما أن ارتفاع سعر صرف الدولار أدى لارتفاع أجور الصيانة، وكل ذلك انعكس على جودة الخدمة، وأدى إلى انخفاض ساعات التشغيل من خمس أو ست ساعات يومياً لساعتين ونصف وبسعر ألفي ليرة سورية للأمبير الواحد أسبوعياً وهو سعر مرتفع نسبياً مقارنة بدخل المواطن”.
دفع ذلك بعض السكان للتوجه بشكل أكبر نحو ألواح الطاقة الشمسية ذات التكلفة العالية نسبياً،
وألواح الطاقة الشمسية هي ألواح مستوردة من الصين غالباً تقوم بتحويل طاقة الشمس إلى طاقة كهربائية يتم تخزينها في مدخرات من مختلف القياسات ثم يستعمل جهاز “رافع جهد” لتحويل الكهرباء من توتر 12 فولت أو 24 إلى 220 فولت.
يقول محمد وهو تاجر مختص في مجال الطاقة الشمسية أنهم “بدأوا العمل في مجال ألواح الطاقة الشمسية منذ عامين تقريباً بسبب حاجة السوق الملحة لها، لكن الطلب على ألواح الطاقة الشمسية زاد بالفترة الأخيرة بشكل كبير بسبب غلاء أسعار المحروقات وانخفاض ساعات التشغيل، بحيث لم تعد ساعات التشغيل كافية لعدد كبيرة من المنازل”.
ويعتقد محمد أن “ألواح الطاقة الشمسية تعتبر حلاً بديلاً ومثالياً كمصدر الطاقة، وأن سعرها قد يناسب الجميع بحيث أنك تتحكم بالتكلفة بحسب حاجتك وقدرتك المادية، وتتراوح تكلفة مجموعة الطاقة الشمسية بين 300 دولار إلى 1500 دولار حسب عدد الألواح وأنواع البطاريات، في حين يعتبر عدد الألواح وقدرة البطاريات هو العامل المؤثر في زيادة شدة التيار الكهربائي”.
وهذا ما نوّه إليه أبو عمر وهو مهني مختص في صيانة وتنفيذ مشاريع الطاقة الشمسية، ويشير أبو عمر إلى أن “غياب مصادر الطاقة الرئيسية أُجبر السكان على التوجه نحو ألواح الطاقة الشمسية بالرغم من محدودية طاقتها”. لافتاً إلى أن “الألواح قد لا تؤمن لك حاجتك الكاملة من الكهرباء بسبب ضعف استطاعة الألواح إلا في حال إنشاء مشاريع ضخمة وهي ذات كلفة عالية لا يحتملها صاحب الدخل العادي”.
وقال أبو عمر أن “ألواح الطاقة تصل ذروة إنتاجها في فترة الصيف، حيث تستمر الذروة حوالي تسع ساعات بشكل مستمر، والمتوفر الفائض ضمن المدخرات يمكن استعماله في الليل، لكن الأمر يختلف في الشتاء بشكل كامل، وقد لا نتمكن من الاستفادة إلا من ثلاث ساعات خلال النهار”.
ويرى أبو عمر أن “لألواح الطاقة الشمسية مساوئ عديدة، فتلك الألواح تحتاج لمساحة جيدة وقد لا تتوافر هذه المساحة على الأسطح في كثير من المنازل، إضافة لكلفة صيانتها الباهظة بحيث يتعرض رافع الجهد المسؤول عن تحويل الكهرباء من تيار مستمر إلى تيار متناوب إلى أعطال متكررة، وبسبب عدم توافر كل القطع الإلكترونية المطلوبة قد يضطر الفني لاستبدال الجهاز بشكل كامل، ناهيك عن حالات الكسر التي قد تتعرض لها ألواح الطاقة بسبب حالة القصف التي تعيشها مناطق إدلب”.
وكحل نهائي، أو كحل رديف إلى جانب الطاقة الشمسية عمد البعض للاستفادة من طاقة الرياح كبديل عن الطاقة الشمسية، لكن هذه العملية لا تنجح إلا في المناطق ذات التيارات الهوائية المستمرة، وهذا ما أخبرنا به إسماعيل وهو تاجر ومختص في تركيب عنفات الهواء التي تولد الطاقة عبر الهواء.
ذكر إسماعيل أن هذا الجهاز يتألف من مروحة بداخلها دينمو مغناطيسي، حيث تدور المروحة بفعل قوة الرياح ويقوم الدينمو بتحويل هذه القوة الدورانية إلى طاقة كهربائية ذات تيار متناوب، بعدها يتم وصل أسلاك المروحة بمنظم للكهرباء أو ما يعرف ب “الكنترولر” ومهمة هذا الجهاز تحويل التيار المتناوب إلى تيار مستمر باستطاعات متنوعة “12فولت أو 24 فولت أو 48 فولت” بهدف شحن المدخرات المطلوبة، وبعدها تتم الاستفادة من طاقة المدخرات عن طريق “رافع الجهد” الذي يقوم بتحويل طاقة المدخرة إلى كهرباء ذات تيار متناوب.
وذكر إسماعيل أن اللجوء لهذا النوع من الطاقة بدأ منذ قرابة عام ولم يشهد انتشاراً كبيراً لسببين رئيسيين؛ الأول أن التكلفة مرتفعة مقارنة بأسعار ألواح الطاقة الشمسية وللحصول على طاقة بمقدار ثلاثة أمبيرات قد تصل التكلفة إلى ألف ومئتي دولار، في حين تصل التكلفة في حال استعمال ألواح طاقة شمسية بنفس المردود إلى سبعمئة دولار.
والسبب الثاني أن أغلب المناطق المحررة لا تعتبر مناطق ذات تيار هوائي مستمر، وهذه الأجهزة لا تعمل بالشكل المطلوب إذا كانت سرعة الرياح أقل من 10 كم بالساعة.
وذكر إسماعيل أن البعض درس إمكانية تحويل الطاقة الكهراطيسية إلى طاقة دورانية تنتج الكهرباء بعد ربطها بـ “دينمو” مخصص لهذا العمل وقد تكون هذه المشاريع أكثر فائدة لكنها لم تدخل طور العمل حتى الآن.
إن مراجعة لهذه الأنماط المختلفة من إنتاج الطاقة تظهر أن المولدات الكهربائية ذات مردود أفضل في حال توافر مادة “الديزل”، ولعل الحل الأمثل والمناسب لجميع الناس هو تأمين مولدات ضخمة جداً بقدرة استطاعية تتجاوز خمسة آلاف أمبير، حيث تنخفض التكلفة كلما زاد الإنتاج وبالتالي تزداد ساعات التشغيل وتقل الكلفة على المستهلك.
التعليقات متوقفه