“الإدارة الذاتية” تتجه لتثبيت “التغيير الديمغرافي” بإحصاء سكاني – محمود العبي

وفقاً للمرصد الأشوري لحقوق الإنسان، رفضت مئات الأسر المسيحية المشاركة في الإحصاء السكاني الذي أجرته الإدارة الذاتية الكردية، بشهر تشرين الأول، بمناطق سيطرتها شمال شرقي سوريا.

حيث يقول المتحدث باسم المرصد الآشوري لحقوق الإنسان (AMHR)، سومر وردة، موضحاً “عارضت العائلات الإحصاء، لأنهم ضد النظام الفيدرالي، حيث يعتبر غالبية سكان الجزيرة السورية المشروع الفيدرالي مشروعاً اقتراحه طرف واحد ويفتقر إلى إجماع الأطراف الأخرى”.

وقال وردة الذي يدير المرصد الذي يوثق الانتهاكات ضد السكان المسيحيين في سوريا، مثل الهجمات ضد القساوسة ونهب الكنائس، شارحاً لموقع “سيريا دايركت” أنه “ولّد الإحصاء استياءاً شديداً وخوفاً وعدم يقين بين قطاعات المجتمع عند عرب الحسكة والأكراد والآشوريين والسريان والكلدان والمسلمين والمسيحيين”.

ويُعتبر التعداد السكاني، الذي يأتي في إطار التحضير للانتخابات الاتحادية، التي تعتزم “الإدارة الكردية” إجراءها، بأنه أول علامة ملموسة على أنه سيتم تطبيق النظام الفيدرالي بالرغم من معارضة كثير من سكان الجزيرة ومعارضة معظم السوريين الآخرين.

ورفضت عشرات العائلات المسيحية في مدينة القامشلي المشاركة في الإحصاء، حيث قالت مصادر محلية أن 166 عائلة رفضت أن يتم إحصاءها.

ويخشى معارضو النظام الفيدرالي، أن مثل هذا النظام سيؤدي لنشوء “إمارة” تابعة لمنظمة خارجة عن القانون ولا تملك شرعية شعبية وهي حزب الاتحاد الديمقراطي بزعامة صالح مسلم، هو الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني المصنف إرهابياً، وذلك في منطقة متنوعة عرقيا ودينيا.

ولا تقتصر معارضة فيدرالية “الإدارة الذاتية” على المسيحيين، بل تعارضها الغالبية العظمى من السكان في الجزيرة لأنها مشروع اقترحه التنظيم الذي يعتمد على القوة لتحقيق أهدافه، وهناك بطبيعة الحال مجموعات صغيرة من المسيحيين والعرب ضمن المشروع، لكنها لا تمثل سوى مصالحها الخاصة.

وصنفت “الإدارة الذاتية” أثناء الإحصاء السكان على أساس طبيعة إقامتهم إلى سكان أصليين ولاجئين ومشردين وكانت قد أصدرت قراراً بوقت سابق يقول أن النازحين بحاجة إلى كفيل للبقاء في الأراضي التي تسيطر عليها “الإدارة الذاتية”.

وتنفذ “الإدارة الذاتية” سياسات عنصرية تجاه النازحين، بحسب المرصد الأشوري، وهو ما يتعارض مع عادات وتقاليد العرب والأكراد في شرق سوريا.

وقال المرصد الآشوري لحقوق الإنسان أن الإحصاء يساهم في “التغيير الديمغرافي” وذلك في بيان صدر عن المرصد بنهاية شهر تشرين الأول، ويتهم المرصد ومنظمات حقوقية أخرى وناشطون مستقلون، الإدارة الذاتية والمليشيات التابعة لها، بمصادرة أراضي وممتلكات السكان المهجرين؛ بحجة إدارة ممتلكاتهم، وهذا ما يعني قطع أملهم بالعودة إلى المنطقة، وأيضاً تقوم “الإدارة الذاتية” بتجنيد الشبان قسراً وتجبرهم على القتال من أجل أسباب مناقضة لأهدافهم. لذلك فرّ العديد من شبان الجزيرة مع عائلاتهم خوفاً من اضطرارهم للقتال، كما أن “الإدارة” تقوم بتغيير أسماء الشوارع والقرى والبلدات والمدن إلى أسماء كردية، وتعبث بالمناهج التعليمية بالطريقة التي تناسب سياساتها.

وفي النهاية جاء مشروع الإحصاء السكاني، الذي أُجري في تشرين الأول، في محاولة من “الإدارة الذاتية” لتثبيت التغييرات الديمغرافية الحاصلة في منطقة الجزيرة السورية بسبب ظروف الحرب وما يرتبط بها من نزوح، حيث أن كل من نزح إلى خارج منطقة الجزيرة لم يسجل بالإحصاء، وتم أيضا استبعاد النازحين القادمين إلى الجزيرة من التسجيل كسكان في المنطقة، من خلال تسجيلهم كلاجئين، رغم أنهم جميعا سوريون، وبعضهم انتقل من قرية إلى قرية أخرى قد لا تبعد سوى بضعة كيلومترات عن قريته الأصلية.

التعليقات متوقفه