“شاهد عيان حلب” تجربة رائدة في الإعلام الاجتماعي السوري – حسان الحلبي

فتحت منصات التواصل الاجتماعي مجالاً لكل من يرغب بإنشاء مشروع إعلامي ليطلق مشروعه على هذه المنصات فمن السهولة بمكان اطلاق صفحات مجانية على “فيسبوك” و”تويتر” و”يوتيوب” وغيرها ليصبح المشروع الإعلامي بين يدي الجمهور خلال فترة قصيرة، دون الحاجة إلى تعقيدات تراخيص البث أو الطباعة والتعقيدات والصعوبات المالية التي تعوق إنشاء مؤسسات إعلامية تقليدية، ووجد شباب سوريا كغيرهم في هذه المنصات متنفساً لهم لينقلوا لبعضهم وللعالم صورة ما يجري أمامهم.

وكانت شبكات الأخبار التي أطلقها شبان سوريون لنقل الأخبار للعالم مصدراً أساسياً للأخبار لدى جميع وسائل الإعلام التقليدية، الأمر الذي ساهم بزيادة أثرها في الأوساط الإعلامية، خصوصاً تلك الشبكات التي حازت سمعة جيدة وتمتعت بمصداقية عالية دفعت مزيداً من الجمهور لمتابعتها والتفاعل معها.

انطلقت شبكة “شاهد عيان حلب” بالتزامن مع دخول الجيش الحر إلى مدينة حلب وسيطرته على أجزاء واسعة منها وتدهور الأوضاع الأمنية والخدمية فيها فقدمت للجمهور الحلبي تغطية لحظية لكل التطورات والأحداث الأمنية والعسكرية والخدمية ليزيد عدد متابعوها بشكل مطرد حتى تجاوز مئتين وخمسين ألف متابع مؤخراً.

واكبت “شاهد عيان حلب” كافة الأحداث الميدانية والأخبار الخدمية والصحية في حلب وريفها بعد أن انطلقت من “مجموعة” على “فيسبوك” يوجد فيها المراسلون المتطوعون و”شهود العيان” حيث يتم تداول الأخبار والتأكد من مصداقيتها بينهم قبل أن يتم تحرير الأخبار وتنسيقها ليتم نشرها على الصفحة الرئيسية لشبكة “شاهد عيان حلب” على فيسبوك.

وبدأت الصفحة الرسمية لشاهد عيان حلب عملها فعلياً في السابع عشر من تموز عام 2012 ولاقت إقبالاً سريعاً حيث أشارت إحصائيات الصفحة إلى أن الصفحة جمعت أكثر من 20 ألف مشترك في الشهر الاول من انطلاقها، ليتجاوز العدد اليوم الربع مليون، علماً أن عدد المتابعين يتجاوز ذلك خاصة في مدينة حلب، إلا أن التشديد الأمني للنظام واعتباره شاهد عيان صفحة “معارضة” قد خلق تخوّفا عند الناس من الاشتراك والتفاعل مع الصفحة.

اعتمدت “شاهد عيان حلب” ضوابط خاصة في عملها قامت على تطويرها طوال السنوات الماضية، وساهم عدم تبعية الصفحة لأي طرف سياسي، بسبب عدم حصولها على تمويل، بتحييدها عن التجاذبات السياسية، حيث جعلت “شاهد عيان حلب” من هموم الشارع وأوجاعه مرجعها الوحيد.

 تُتّهم الشبكة من قبل بعض مؤيدي الثورة بأنها “محايدة” وهو ما تنفيه الصفحة باستمرار ذلك أنه لا يوجد حيادية مطلقة في الإعلام، فكيف يمكن لمن يوثّق أعداد الشهداء ويصوّر الأشلاء أن يكون حيادياً! إنما هي تعتمد الموضوعية واحترام عقل المتلقي متجنّبة الكذب والاستغباء الذي ينتهجه إعلام النظام وكذلك التغاضي الذي تقوم به بعض الشبكات الإعلامية الثورية عن فضح تجاوزات بعض الكتائب والفصائل الثورية.

من أكبر التحديات اللي تواجهها شاهد عيان على الدوام هي انتقاء الكادر، خاصة في تعويض من يغادر، فالمطلوب هنا هو ليس إعلامياً محترفاً فحسب بل يجب أن يكون مؤمناً بالثورة ويقدّم مصلحة الناس حتى لو كان ذلك على حساب انتقاد أي جهة كانت.

كادر الشبكة يشبه خلية عمل نشطة لا تهدأ، فمن تنسيق الأخبار والتأكد من صحتها  إلى الرد على الرسائل الواردة والقيام بعملية النشر ومن ثم مراقبة التعليقات والردود، يعمل أعضاء الشبكة بأوقات متفاوتة لكن على أعلى درجات التنسيق، وتوالى على فريق “شاهد عيان حلب” عشرات النشطاء الذين شاركوا في نجاح الفكرة وزيادة المصداقية، وترَك من غادرها لأسباب خاصة بصمةً لا تزال آثارها إلى اليوم.

كان للشبكة دور في توثيق المجازر في مدينة حلب من خلال التواصل مع مؤسسات الأمم المتحدة كما حصل في توثيق مجزرة جامعة حلب في الخامس عشر من كانون الثاني عام 2013 حين قصف الطيران الحربي التابع للنظام كلية الهندسة المعمارية موقعاً العديد من الشهداء، وكذلك تقديم عدة ملفات عن ضحايا الاغتصاب والتعذيب في سجون الأسد إلى منظمات عالمية معنية بحقوق الإنسان، كما أطلقت الشبكة الحملة الأقوى عالمياً لإنقاذ حلب والتي شارك فيها أكثر من سبعين مليون شخص حول العالم وهي حملة أنقذوا حلب (#Save_Aleepo)، عدا عن المشاركة بعدة تقارير إخبارية لأهم المؤسسات الإعلامية العالمية كشبكتي الأي بي سي و السي إن إن الأمريكيتين، وفضائيات العربية والجزيرة وصحيفة القدس العربي وغيرها. وأطلقت شبكة “شاهد عيان حلب” موقعها الإلكتروني الخاص مؤخراً بهدف تطوير عملها وتنظيمه بشكل أكبر وحاز الموقع على متابعة عالية في أيامه الأولى.

التعليقات متوقفه