عبد الرحمن الكواكبي … جدّنا المندسّ الأكبر

 


7767-1هو مفكّر وعلاّمة سوري، ولد في حلب سنة 1849 ودرس فيها الشـريعة والأدب والعلوم وتعرّف على السياسة والمجتمع والتاريخ والفلسفة وغيرها.

بدأ حياته بكتابة المقالات التي تفضح فساد الولاة، وسرعان ما شعر أن العمل في صحيفة رسمية يعرقل طموحه في تنوير العامة ولذلك أصدر في حلب صحيفة “الشهباء” عام 1877، وكانت أول صحيفة تصدر باللغة العربية، ولم تستمر هذه الصحيفة طويلاً، إذ لم تستطع السلطة تحمّل جرأته في النقد، فأصدر جريدة “الاعتدال” التي سرعان ما لاقت مصير سابقتها.

بعد أن أحس أن السلطة تقف في وجهه، انصـرف إلى العمل بعيداً عنها، فافتتح مكتباً للمحاماة كان يستقبل فيه سائر الفئات ويساعدهم في تحصيل حقوقهم من المراجع العليا مجاناً في معظم الأحيان، حتى اشتهر في جميع أنحاء حلب بلقب “أبو الضعفاء”.

استمر الكواكبي بالكتابة ضد السلطة المستبدة، وعندما لم يستطع تحمل ما وصل إليه الأمر من مضايقات تنقّل في بلدان عديدة ثمّ استقرّ في مصـر حيث ذاع صيته وتتلمذ على يديه الكثيرون وكان واحداً من أشهر علمائها.

أمضـى الكواكبي حياته مُصلحاً وداعياً إلى النهوض والتقدم بالأمة العربية وأنشأ النوادي الإصلاحية والجمعيات الخيرية التي تقوم بتوعية الناس وقد دعا المسلمين لتحرير عقولهم من الخرافات ودعا الحكام إلى التحلي بمكارم الأخلاق لأنهم الموجِّهون للبشر، ودعا إلى إقامة خلافة عربية على أنقاض الخلافة العثمانية.

ألّف الكواكبي العديد من الكتب وترك تراثاً أدبياً كبيراً أهمّه كتابيه: طبائع الاستبداد وأمّ القرى، وتوفي في القاهرة سنة 1902 متأثّراً بسمّ دُسّ له في فنجان قهوة ودفن عند جبل المقطّم، وقد أقيم مسجد كبير في حي العجوزة بمحافظة الجيزة المصـرية يحمل اسمه تخليداً لذكراه. من أقواله:

-إن الحرية هي شجرة الخلد، وسقياها قطرات من الدم المسفوك.

– الاستبداد يقلب الحقائق في الأذهان، فيسوق الناس إلى اعتقاد أنّ طالب الحقّ فاجر، وتارك حقّه مطيع، والمشتكي المُتظلّم مفسد، والنبيه المدقق ملحد، والخامل المسكين صالح أمين، والنفاق سياسة، والتحايل كياسة، والدناءة لطف، والنذالة دماثة.

وما أشبه الليلة بالبارحة، أحفاد الكواكبي اليوم هم مُدمنو وجبات الكنتاكي والـ 50 دولاراً من مندسّي بن علي وأصحاب الأجندات الخارجية عند مبارك، وأصوات نشاز فاتهم قطار علي صالح، وجرذان القذافي، وجراثيم الطاغية.

كلّ مستبدّ من هؤلاء أو قبلهم أو بعدهم يرى الحرية شبحاً مفزعاً والمعارضة كابوساً والنقد تآمراً والتمرد كفراً.

التعليقات متوقفه