مُحَلِّلُون – عبد العزيز الموسى

مُحَلِّلُون

عبد العزيز الموسى

 

أسمع, يوم كنت أسمع أو يوم كانت لدي رغبة للسماع ويوم كان عندنا هاتف وتلفزيون وكهرباء وحنفية ماء وإنترنت وسيارة مقدور على بنزينها ومدفأة معبأة بالمازوت! يوم كان ما كان وكنت أرغب في سماع آراء ووجهات نظر؛ أفضّل غالباً ألاّ ألتقي معها في الرؤية والطرح. يومها قلت لكم كنت أسمع بعض المحلّلين المحسوبين بقوة من هناك من وراء الحدود على الثورة, محلّلون أغبياء عاشوا في الغرب, أبناء تجار أغلبهم، أبناء لصوص بكّروا في الهرب إلى هناك, هؤلاء المحلّلون مع كل الجهد المدفوع لتعليمهم شيئاً عن سوريا؛ فإنهم لا يستطيعون عدّ خمس محافظات أو خمسة فروع أمنية مع أنهم كانوا يتردّدون عليها عملاً بنصائح الآباء الأفذاذ بيسر وراحة تامة.

صاروا محلّلين يحلّلون لنا الحلال من الحرام، ومتى علينا أن ننقب النساء ونطوّل اللحى, يا للعبقريات المبدعة المستوردة ليس من الأزهر وباحات التكايا؛ بل من قلب شوارع الغرب الكافر!

يعطوننا دروساً في الوطنية, يا سلام! يكشفون لنا باعتبارنا وفدنا البارحة على هذا المكان من المريخ ولا نعرف؛ مفارقات النظام, يا للهول, معقول! لا ينسوا تعليمنا شؤون ديننا بمصطلحات غريبة عجيبة كمن يحاول اصطياد الفانتوم بقوس النشاب. ما هذا البلاء الذي يمتحننا الله به! هنيئاً لبيت الأسد بهؤلاء المحلّلين وهنيئاً لهم بالمشايخ والوعاظ!

مجمّعات للغباء واللصوصية؛ يقدّمون للنظام خدمات تعجز عن تقديمها كل الأجهزة الأمنية على كثرتها مجتمعة!

أحسّ أن لا شيء في البلد ينتمي للبلد! ألفاظ مستعصية زاحفة مثلهم, يشرّق واحدهم بالألفاظ والمعاني ويغرّب بها, يريد أن يقول أن يعتذر أن يدلّس أن يتذكر, من هؤلاء بربك؟

للحق؛ هادئون لا يغضبون، وكأنهم يقولون هذا كل ما يجري في البلد, أما ما يتردّد عن قصف البشر والسكود والصواريخ والدبابات والمدافع التي تدكّ وتهدم وتطيح بالبشر؛ فهو يحتمل ما يحتمل, كأنهم على وشك أن يقولوا لنا لا شيء مما تسمعون! بربك هل هؤلاء من البلد؟ هم وذقونهم ومشايخهم يعتذرون ويمدّون ذيولهم أمام ملاحظات أميركا وأمناء فروع المخابرات الذائعي الصيت.

ما مبرر هذا الارتخاء في مفاصل رؤيتهم الساذجة, من يستضيفهم؟ من يخدمون أصلاً؟ تمجيد غير مباشر للنظام على أنه كغيره؛ كالنظم السابقة واللاحقة وربما بالنسبة لهم أقل؛ ويقارنون من ديكتاتور تونس الذي جفل إثر قتل خمسين شخصاً فضب عدته وفرّ بضميره وجلده! يقارنون ويتفذلكون! أليسوا محلّلين؟

هؤلاء, لا يستحقون إلا أن تبصق في وجوههم. هؤلاء هم شبيحة نائمون, شبيحة مخفيون ولا يعرفون أنهم شبيحة, يمارسون الدور، ويشبّحون برعاية الله والعمائم النجسة الملونة، والدولار الأخضر وبرعاية العجم والزنج والزط مجتمعين.

التعليقات متوقفه