مصائب قوم عند قوم فوائد: قراءة في التغريبة السورية وموجات النزوح الداخلي والخارجي – محمد فراس العلي
مصائب قوم عند قوم فوائد
قراءة في التغريبة السورية وموجات النزوح الداخلي والخارجي
محمد فراس العلي
لا يخفى علينا حال الهجرة المتزايدة التي تحدث يومياً من المناطق السورية إلى بلدان الجوار أو المناطق الداخلية التي يتوافر فيها بعض الأمان، حتى وصل العدد كما أحصته الأمم المتحدة إلى ما يزيد عن مليون ونصف المليون سوري، وهذا العدد خجول جداً في الواقع إذ إن الرقم الحقيقي أضعاف ذلك, وكان لهجرة السوريين فوائد شتى للغير ومساوئ لهم ويمكن تقسيمها إلى نوعين وذلك حسب الظروف السائدة وهي:
1- الهجرة الداخلية: وبغض النظر عن الآثار السلبية التي تمثّلت بفقدان بعض الناس ذويهم وبيوتهم وأعمالهم نتيجة القصف؛ فهناك أثر إيجابي بالمقابل يمكن ملاحظته بتنشيط المناطق الآمنة المحرّرة اقتصادياً كمدينة منبج، التي افتتح فيها النازحون أكثر من مشروع اقتصادي, وأضفوا على المدينة طابعاً اقتصادياً إيجابياً، جعل تداول المنتجات والأموال في تسارع أكبر من ذي قبل بالإضافة إلى انتقال رؤوس الأموال وإعادة إحياء أعمالها, فنشطت المنطقة بشكل ملحوظ.
2 – الهجرة الخارجية: ويمكن تصنيفها ضمن الآثار السلبية الخالصة، إذ الكثير من العائلات اتجهت إلى مدن تركيا ونقلت معها كل ما تملك، ورغم ما لذلك من أثر إيجابي على مستوى الفرد أو العائلة الواحدة، فإن هذا قد أضعف اقتصادنا بشكل واضح, إذ نزح إليها الكثير من العمال وأغلب التجار بحثاً عن عمل، ورؤوس الأموال وكبار الشخصيات خوفاً على حياتهم، وبعضهم لأجل افتتاح مشاريع هناك, فكانت النتيجة تنشيط الليرة التركية على حساب الليرة السورية, إضافة إلى المصاريف الضخمة التي تصرف من قبل المعارضة الخارجية بفعل استقرارهم في تركيا, ولتدهور الاقتصاد الكثير من العوامل بناء على ما سبق أهمها:
– وصول الليرة السورية لحد أدنى وتواصل فقدانها لقيمتها يومياً.
– تغير نظرة مواطني الدول المجاورة إلى الشعب السوري وخاصة مواطني تركيا, فبينما فبينما كان السوري محترماً تراه اليوم مكروهاً ومنبوذاً وخاصة بعد التفجيرات التي حدثت في الريحانية.
– ارتفاع أسعار بعض المواد في الداخل السوري, نتيجة تهريب هذه المواد إلى تركيا بقصد الربح الفاحش.
– لجوء أغلب سكان المناطق الساخنة إلى البلدان المجاورة بصحبة أموالهم الخاصة, مما أفقد الداخل السوري بعض الصناعات الضرورية.
وليس من الغريب أن كل دولة مجاورة لسوريا قد استفادت سواء من جراء تكلفة المخيمات التي تأتيها من منظمات حقوق الإنسان أو غيرها من المنظمات الإنسانية أو المعونات المالية الخيالية التي يتسلمها المشرفون على اللاجئين السوريين في الدول المجاورة، أو من الذين يستقرون في دولهم وينفقون أموالهم لحين انتصار الثورة, فالكل مستفيد والشعب السوري هو الخاسر الوحيد في هذه الأيام وإن طول أمد هذه الظروف سوف يؤدي بالاقتصاد السوري إلى المزيد من التدهور.
والقول إن ضعف الاقتصاد السوري سيعجل بسقوط النظام أمر يفتقد إلى الفطنة والذكاء، فالواقع يخالف الكلام، والدعم الروسي الصيني الإيراني للنظام السوري بمليارات الدولارات شهرياً يحطم الفكرة السابقة, ناهيك عن المعاناة المادية التي يعيشها من نزح خارج الحدود، إذ في مخيم الإصلاحية في تركيا يخصّص لكل فرد مبلغ أسبوعي يعادل 80 ل.ت ولكن الجميع مجبر على إنفاق هذا المبلغ في المول الوحيد المتواجد في المخيم وأسعاره شبه سياحية, فتصبح بذلك عملية التداول داخلية ضمن المخيم فقط!
الواجب الآن يفرض علينا العودة للداخل، والعمل، لأن من شأن ذلك تسريع انتصار ثورتنا المباركة, ولإعادة رصيد الاحترام الذي فقدناه بنظر الآخرين, فالمناطق المحررة كثيرة، والعمل في الداخل أكثر!
التعليقات متوقفه