بلدة التمانعة.. ثارت من البداية فدمّر النظام 80% منها
الغربال – لم يحمها موقعها الجغرافي المميّز من بطش النظام، بل جعل منها حقل تجارب لكل جديد من السلاح والذخائر، إنها بلدة التمانعة في ريف إدلب الجنوبي، التي تعرّضت للقصف بكافة أنواع الأسلحة، من قبل الطائرات الروسية والسورية على حد سواء.
تقع التمانعة شمال مدينة حماة، وشرق مدينة خان شيخون بثمانية كيلو مترات، في أرض سهلية تشتهر بزراعة الفستق الحلبي، الذي يعمل معظم سكانها في زراعته، وتتبع إدارياً لمدينة معرة النعمان.
تبلغ نسبة المتعلمين في البلدة نحو 40 بالمائة، وفيها نسبة جيدة من الأطباء والصيادلة والمهندسين وموظفي الدولة الكبار، وضباط الجيش، وهي مركز ناحية وتتبع لها العديد من القرى والبلدات، وتُعتبر مركزاً للتسوّق أيضاً.
لم يتأخر كثيراً أبناء التمانعة عن الالتحاق بركب الثورة، فقد شهدت المدينة اول مظاهرة في الشهر الخامس عام 2011، نظراً لتجمّع المتظاهرين قبل ذلك التاريخ في مدينة خان شيخون، ذات الموقع الأهم والأبرز، من حيث وقوعها على طريق حلب – دمشق الدولي.
بلغ عدد سكان البلدة قبيل اندلاع الثورة العشرين ألفاً، لكن كثافة القصف ساهمت بتراجع أعداد سكانها بشكل كبير، ولم يبقَ في البلدة سوى أربعين عائلة تسكن في المزارع على الأطراف، وهُجّر أهلها إلى القرى والبلدات المجاورة، ومخيمات ودول اللجوء.
قدّمت البلدة أكثر من 300 شهيد، قضوا في القصف المكثّف على البلدة وفي جبهات القتال، ضد قوات النظام والميليشيات التابعة لها، في الجبهات القريبة من البلدة، وفي جبهات حلب والساحل وريف حماة الشمالي.
اقتحمتها قوات النظام باكراً في الشهر السابع من عام 2012، في محاولة منها إسكات الأصوات المطالبة بالحرية والكرامة، فأحرقت 75 منزلاً لناشطين وأبرز الثائرين في البلدة، كما تمّ تدمير أكثر من 50 منزلاً، بالدبابات والجرافات، وقُتل أثناء مقاومة الاقتحام ثلاثة من أبناء البلدة، في اشتباكات دارت على الأطراف.
يعمل معظم سكان البلدة في الزراعة، ومن أهم المحاصيل التي يعملون بزراعتها، الفستق الحلبي، الذي تشتهر تلك المنطقة بزراعته، إلى جانب الزيتون، والقمح والشعير والخضروات، وفيها بعض آبار المياه لري المزروعات والخضروات الصيفية.
كما تُعتبر البلدة من أولى المناطق التي تمّ استهدافها من قبل النظام بالبراميل المتفجّرة، لقربها من مطار حماة العسكري، أحد أهم مصانع البراميل في سوريا، وتعرّضت لقصف بالغازات السامة في الشهر الخامس من عام 2014، ما أدّى إلى مقتل سبعة أشخاص وإصابة نحو خمسين آخرين.
بلغت نسبة الدمار في بلدة التمانعة أكثر من 80 بالمائة، نظراً لقربها من مطار حماة العسكري وحواجز النظام في خان شيخون قبل التحرير، وحواجز قرية معان في ريف حماة الشمالي، ولكونها خطّ جبهة بين قوات النظام والمعارضة.
وبعد التدخل الروسي في أيلول عام 2015، كان للبلدة النصيب الأكبر من القصف، فقد تعرّضت لعشرات الغارات الروسية، بكافة أنواع الأسلحة، منها الارتجاجية والفوسفورية والمتفجّرة، وحاولت قوات النظام التقدّم باتجاهها بتغطية روسية، لكنها وصلت إلى قرية سكيك القريبة ومن ثمّ تراجعت.
وثّق ناشطو البلدة الذين مازالوا صامدين داخلها، استهدافها بأكثر من 360 غارة جوية من قبل طائرات النظام الحربية والمروحية، إضافة إلى الطائرات الروسية في عام 2016، بمعدل غارة أو أكثر في كل يوم.
لقد تسبّب القصف بتدمير جميع المدارس الموجودة في البلدة، ما اضطر الأطفال المتبقّين، للتوجه إلى مدارس بعيدة عن مساكنهم، وتحمّل أعباء التنقل ومخاطره بسبب القصف، كما لم يختلف الوضع الصحي عن سابقه حيث تعرض المركز الطبي في البلدة لقصف من الطيران الروسي، ما تسبّب بتدميره وإخراجه من الخدمة.
وفي محاولة لإعادة بثّ الحياة في البلدة من جديد قدّم المجلس المحلي دعماً لتسعة وثلاثين مزارعاً من البلدة، بهدف إعادة تأهيل العملية الزراعية والاكتفاء الذاتي من الناحية الزراعية تحسباً لتعرض المنطقة للحصار، ولصعوبة وصول المؤسسات الإغاثية لها.
التعليقات متوقفه